الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ذَلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } * { أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ }

فكيف يتيسر لأحد أن يعرض عن ذكر الله وعن استماع كلامه؟! مع أنه: { ٱللَّهُ } الذي دبر أمور عباده، وأرشدهم إلى طريق معاده؛ حيث { نَزَّلَ } تتميماً لترتبيهم { أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ } وأبلغه في الإفادة والبيان { كِتَاباً } جامعاً لما في الكتب السالفة { مُّتَشَابِهاً } بعض آياتها ببعض في حسن النظم، واتساق المعنى { مَّثَانِيَ } أي: ثنى سبحانه، وكرر الأحكام فيه تأكيداً ومبالغة، أمراً ونهياً، وعداً ووعيداً، وثواباً وعقاباً، عبراً وأمثالاً، قصصاً وتذكيراً.

وجعله في كمال الإيجاز والإعجاز والتأثير؛ بحيث { تَقْشَعِرُّ } أي: تنقبض وتضطرب على الاستمرار { مِنْهُ } أي: من سماعه { جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ } مهابة { رَبَّهُمْ } في جميع حالاتهم، خوفاً من سلطة سلطنة جلاله { ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ } تطمئن { قُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } رجاء من سعة رحمته، بمقتضى لطفه وجماله.

وبالجملة: { ذَلِكَ } أي: الكتاب الرفيع الشأن، الواضع البرهان { هُدَى ٱللَّهِ } الهادي لعباده { يَهْدِي بِهِ } ويوفق على الهداية والرشاد بمقضتى ما فيه { مَن يَشَآءُ } من عباده، ويضل به وعن الاستفادة بما فيه من يشاء إرادة واختيارً { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } بمقتضى قهره وجلاله { فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر: 23] إذ لا يبدل قوله، لا ينازع حكمه، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

{ أَفَمَن يَتَّقِي } أي: يصل ويدخل { بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي: أشده وأسوأه؛ إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل في أيديهم، يسبحون إلى النار بحيث لا يصل منهم إليها أولاً إلا وجوههم، كمن آمن منه وسلم عن مطلق المكاره؟! كلا وحاشا { وَقِيلَ } حينئذ { لِلظَّالِمِينَ } الخارجين من مقتضى الحدود الإلهية ظلماً وعدواناً على سبيل التوبيخ والتقريع: { ذُوقُواْ } أيها المنهمكون في بحر الغفلة والشهوات جزاء { مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } [الزمر: 24] في دار الاختبار، بمقتضى أهويتكم الفاسدة وآرائكم الباطلة.