الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ هَـٰذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } * { مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } * { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ }

{ هَـٰذَا } الذي يتلى عليكم من الأمر بتذكير أولئك الثقات الكرام { ذِكْرٌ } جميل وإثبات شريف وكمال لهم، إنما ذكرناهم وأمرناك بذكرهم تنبيهاً على جلال قدرهم وعظم شأنهم { وَ } بالجملة: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ } المجتنبين عن محظوراتنا، المتصفين بمأموراتنا، الطالبين لمرضاتنا، الهاربين من سخطنا وانتقاماتنا { لَحُسْنَ مَآبٍ } [ص: 49] عندنا، وخير منقلب ومتاب في كنف جوارنا وساحة عز قبولنا.

{ جَنَّاتِ عَدْنٍ } عطف بيان " لحسن مآب " ، وهي عبارة عن درجات القرب إلى الوحدة الذاتية، وتجددات التجليات الشهودية على أرباب الكشف والعيان، ولكمال تخفظهم عن مقتضيات القوى ومشتهيات الهوى، وخلوصهم في التوجه نحو المولى، صارت الجنات ودرجات القرب والوصول { مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأَبْوَابُ } [ص: 50] أي: مفتوحة الطرق، واضحة السبل بالنسبة إليهم، يدخلون فيها من كل باب بلا منع وحجاب.

وبعد دخولهم فيها، وتحققهم عندها صاروا { مُتَّكِئِينَ فِيهَا } متمكنين على أرائك القبول وسرر الإخلاص، ولهم فيها ما تشتهي قلوبهم من المعارف المتجددة بتجدد التجليات الحبية المنبعثة من حضرة الرحموت؛ إذ { يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ } من أنواع ما يتفكهون ويتلذذون علماً وعيناً وحقاً { وَشَرَابٍ } [ص: 51] يشربون من رحيق الحق ولا يروون.

{ وَ } يصور { عِندَهُمْ } أعمالهم المقبولة وأحوالهم المرضية ومقاماتهم العلية في سلوك طريق التوحيد أزواج أبكار { قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ } عليهم، لا ينظرن إلى غيره { أَتْرَابٌ } [ص: 52] أحداث كلهن مستويات في السن، ليس فيهن صغر ولا كبر، بل كلهن على كمال اللطافة والعدالة؛ إذ كل ما فيها على كمال الاعتدال.

وبعدما تمكنوا فيها وترفهوا بنعيمها، قيل لهم من قبل الحق امتناناً عليهم وتشويقاً: { هَـٰذَا } الذي بين يديكم من النعيم المقيم واللذة الدائمة { مَا تُوعَدُونَ } بألسنة الكتب والرسل { لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ص: 53] أي: لأجله أو فيه؛ إذ لا وصول إليها إلا بعد الحساب.

ثم قال سبحانه إظهاراً لكمال قدرته على الإنعام والانتقام: { إِنَّ هَـٰذَا } المذكور { لَرِزْقُنَا } المعد لخواص عبادنا، المنجذبين إلينا بانخلاعهم عن لوازم هوياتهم الباطلة، وعن مقتضيات تعيناتهم العاطلة من المأكل والمشرب والمناكح الفانية، فنستبدل لهم بدلها { مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } [ص: 54] أي: رزقاً معنوياً لا انقطاع له أصلاً.