الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } * { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي ٱلأَيْدِي وَٱلأَبْصَارِ } * { إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } * { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } * { وَٱذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَذَا ٱلْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ ٱلأَخْيَارِ }

{ وَٱذْكُرْ } يا أكمل الرسل { عَبْدَنَآ أَيُّوبَ } هو ابن عيص بن اسحاق، وامرأته ليّا بنت يعقوب، أضافه سبحانه إلى نفسه لكمال رضاه منه ولطفه معه؛ حيث صبر على ما مضى عليه من بلائه وجرى عليه من قضائه، كما شكر على آلائه ونعمائه، ولم ينقص من إخلاصه جالتي السراء والضراء.

اذكر يا أكمل الرسل كمال تصبر أخيك أيوب، وإخلاصه في توجهه إلينا للمتذكرين المعتبرين من أمتك؛ كي يتذكروا من قصته، ويتخلقوا بشيء من تصبره وتمكنه في مقر التفويض والتسليم { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ } الذي رباه بين الخوف والرجاء وأنواع العناء والعطاء؛ لكمال اصطباره ووقاره بما جرى عليه من مقتضيات ربه، قائلاً حين اضطراره إلى الالتجاء نحو ربه والتضرع إليه: { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } [ص: 41] أي: نفخ فيَّ، وأحاط نفخه جميع أجزاء بدني؛ بحيث لم يبقَ فيَّ عضو لم يلحقه ضرر من شؤم نفخه، وعذاب شديد مؤلم مزعج، فاضطرني هجوم الأعداء والعناء وتزول أنواع المحن والبلاء إلى بث الشكوى نحوك يا مولاي، فأنا عبدك، وعلى عهدك ما استطعت، ما توفيقي إلا بك وثقتي إلا عليك، فارحمني بسعة رحمتك؛ إذ لا راحم سواك ولا مغيث غيرك.

وبعدما استغاث إلينا مخلصاً مضطراً راجياً من الإجابة والقبول، أدركته العناية، وشملته الرحمة والكرامة من لدنَّا، حيث قلنا له ملهمين أياه، مستقبلين إجابته: { ٱرْكُضْ } واضرب { بِرِجْلِكَ } على الأرض، فركض امتثالاً للأمر الوجوبي فنبعت عين جارية، ثم قلنا له تعليماً وتنبيهاً: { هَـٰذَا } الماء { مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ } يبرد ويبرأ ظاهر جسدك من الحرارات العارضة لبدنك من شؤم نفس عدوك الذي خلق من عنصر النار { وَشَرَابٌ } [ص: 42] شافٍ لباطنك من الذي أعرض عليك من انحراف مزاجك بسبب خروج أخلاطك عن الاعتدال الفطري بشؤوم نفخه.

وبعدما سمع أيوب ما سمع اغتسل منه، فشرب وبرأ من المرض ظاهراً وباطناً { وَ } بعدما حصل له الصحة والنظافة منَّا إياه، سقط نحونا ساجداً حامداً شاكراً، مناجياً معنا، مخلصاً متضرعاً { وَهَبْنَا لَهُ } تتميماً لكمال لطفنا وعنايتنا معه { أَهْلَهُ } أي: جميع من مات من أولاده بسقوط السقف عليهم { وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ } أي: وهبنا له إحساناً عليه وامتناناً منَّا مثل أهله مع أهله، وإنما فعلنا معه ذلك بعدما ابتليناه واخبترناه؛ ليكون { رَحْمَةً مِّنَّا } إياه { وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } [ص: 43] الذين يتذكرون بقصته، ويتخلقون بأخلاقه؛ ليفوزوا بما فاز.

وبعدما صححناه من الأسقام ووهبنا له أهله وماله، وزدنا عليه مثله تفضلاً منَّا إياه، أمرناه ثانياً تعليماً له بأن يتدارك قسمه وحلفه الذي حلف في مرضه، حين ذهبت امرأته ليا أو رحمة بنت إفرائيم بن يوسف لحاجة، فأبطأت، فحلف: إن برئت عن مرضي لأضربنك مائة جلدة.

السابقالتالي
2 3 4