الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } * { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } * { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } * { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } * { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } * { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ }

ثم أمر سبحانه للملائكة المترصدين لأمره القائمين لحكمه: { ٱحْشُرُواْ } وسوقوا { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالخروج عن مقتضى الحدود الإلهية، واجمعوهم للحشر { وَأَزْوَاجَهُمْ } أي: أشباههم وأمثالهم وقرناءهم الذين اقتدوا واقتفوا أثرهم معهم { وَ } أحضروا له أيضاً معهم { مَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [الصافات: 22] { مِن دُونِ ٱللَّهِ } ظلماً وعدواناً؛ أي: معبوداتهم الباطلة تتميماً لإلزامهم { فَٱهْدُوهُمْ } أي: قدموهم ودلوهم جميعاً { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ } [الصافات: 23].

وبالجملة: سوقوهم بأجمعهم عابداً ومعبوداً إلى نيران الطرد وجحيم الخذلان { وَقِفُوهُمْ } واحبسوهم في الموقف ساعة { إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } [الصافات: 24] عن أعمالهم التي جاءوا بها في نشأتهم الأولى محاسبون عليها.

وبعدما سئلوا وحوسبوا جوزوا بمقتضاها ثم سوقوا إلى النار، والسر في السؤال والله أعلم: تسجيل العذاب عليهم؛ لئلا ينسب سبحانه إلى الظلم والعوان ظاهراً، لئلا يجادلون معه سبحانه؛ إذ كان الإنسان أكثر شيء جدلاً.

ثم قيل لهم من قبل الحق توبيخاً وتقريعاً: { مَا لَكُمْ } أي: ما شأنكم، وأي شيء عرض عليكم أيها الضالون المضلون { لاَ تَنَاصَرُونَ } [الصافات: 25] أي: لا ينصر بعضكم بعضاً؛ أي: معبوداتكم لا تنصر بتخليص عابديهم مع أنكم اتخذتموهم أولياء واعتقدتموهم آلهة شفعاء، فلم لا ينصرونكم ولا ينقذونكم من عذابنا؟ ولم لا تمكرون ولا تحيلون أنواع الحيل والخداع؟ ولم لا تعتذرون بالأعذار الكاذبة؛ لإنقاذكم من عذابنا كما تزعمون في النشأة الأولى؟!.

وهم حينئذ من شدة الهول هائمون حائرون { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } [الصافات: 26] منقادون خاضعون، ومن خوف اشتداد العذاب عليهم خائفون خاشعون { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } حين يساقون نحو النار { يَتَسَآءَلُونَ } [الصافات: 27] أي: يتخاصمون ويتلاومون.

{ قَالُوۤاْ } أي: الضعفاء السفلة منهم لرؤسائهم: { إِنَّكُمْ } أيها الضالون المضلون كنتم من شدة شغفكم، وحرصكم على تضليلنا، ومنعنا عن تصديق الرسل وقبول دعوتهم { كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } [الصافات: 28] أي: عن أقوى جوانبنا، أو عن أقوى الطرق الموصلة إلى مطلوبكم منا، وهو المال وحطام الدنيا، فتعطوننا منها، وتحرفوننا عن سبل السلامة وطرق الاستقامة.

{ قَالُواْ } أي: الرؤساء في جواب الضعفاء: ما قولكم هذا إلا افتراء منكم إيانا ومراء، كيف نؤثر نحن في قلوبكم بحيلنا ومركنا، أو بعطائنا المال إليكم والإحسان عليكم لو كنتم مؤمنين، والإيمان من أفعال القلوب { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ } في أنفسكم { مُؤْمِنِينَ } [الصافات: 29] مصدقين، فتميلون على ما كنا عليه طبعاً وهوى، فتفترون اليوم علينا مراء.

{ وَ } إن ادعيتم إكراهنا إياكم حينئذ فقد كذبتم؛ إذ { مَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } وغلبة إلى حد تخافون عن قهرنا وإهلاكنا، لو لم تكفروا { بَلْ كُنتُمْ } في أنفسكم كما كنا { قَوْماً طَاغِينَ } [الصافات: 30] طغيتم وبغيتم على الله كما طغينا وبغينا.

وبالجملة: إنا وإياكم لفي ضلال مبين { فَحَقَّ } أي: لزم وثبت وجرى { عَلَيْنَا } وعليكم { قَوْلُ رَبِّنَآ } وحكمه المبرم المثبت في لوح قضائه وحضرة علمه، بأنا وأنتم من الأشقياء المردودين المستحقين لأنواع العذاب والنكال { إِنَّا لَذَآئِقُونَ } [الصافات: 31] بأجمعنا اليوم ما كتب لنا ربنا من العذاب.

السابقالتالي
2