الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } * { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ } * { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

{ فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ } النازل عليكم من قبل الحق المثبت لدعواكم { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [الصافات: 157].

{ وَ } من إفراطهم في حق الله، وجعلهم بكمال ذاته وصفاته وأسمائه { جَعَلُواْ } وأثبتوا { بَيْنَهُ } سبحانه { وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ } الذين هم مخلوقون من النار { نَسَباً } أي: نسبة بالمصاهرة، ويزعمون - العياذ بالله - أنه سبحانه تزوج منهم امرأة، فحصلت منها الملائكة { وَ } والله { لَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ } أي: أولئك المفترين على الله بأمثال هذه المفتريات البعيدة عن جنابه مراء { لَمُحْضَرُونَ } [الصافات: 158] في العذاب المخلد، والنكال المؤبد بقولهم هذا، ونسبتهم هذه.

{ سُبْحَانَ ٱللَّهِ } وتقدس ذاته { عَمَّا يَصِفُونَ } [الصافات: 159] به هؤلاء المعاندون الجاهلون.

{ إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 160] منهم، وهم الذين ينكشفون بقدر الله، ووحدة ذاته، واستقلاله في وجوب الوجود ولوازم الألوهية والربوبية، بلا شائبة شركة وتوهم مظاهرة ولوث إمكان وشين نقصان.

وبعدما ثبت تنزهه سبحانه من مضمون ما تنسبون بذاته أيها المفترون والمفرطون { فَإِنَّكُمْ } أيها المعزولون عن مقتضى العقل الفطري والرشد الجبلي { وَ } أيضاً { مَا تَعْبُدُونَ } [الصافات: 161] من دون الله من الأصنام والأوثان.

{ مَآ أَنتُمْ } وآلهتكم { عَلَيْهِ } أي: على الله { بِفَاتِنِينَ } [الصافات: 162] أي: مفسدين معرضين، صارفين عموم الناس عن عبادته وإطاعته سبحانه بإغوائكم وإغرائكم ضعفة الأنام، وتغريركم إيَّاهم بعبادة الأصنام.

{ إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } [الصافات: 163] أي: الذين حقَّ عليهم القول وجرى عليهم حكمه سبحانه، ومضى قضاؤه بأنهم من أصحاب النار وأهل الجحيم، لا بدَّ لهم أن يصلوها ويدخلوها بلا تردد وتخلف؛ يعني: ما يفيد إضلالكم وإغراؤكم إلا لهؤلاء المحكومين بالنار في أزل الآزال دون المجبولين على فطرة الإسلام والتوحيد.

ثم لما اتخذ بعض المشركين الملائكة آلهة، واعتقدوهم بنات الله، وعبدوا لهم كعبادته سبحانه، ردَّ الله عليهم حاكياً عن اعتراف الملائكة بالعبودية، فقال سبحانه من قبل الملائكة: { وَ } كيف يلي بنا أن نرضى بما افترى المشركون علينا من استحقاق العبادة والشركة في الألوهية؛ إذ { مَا مِنَّآ } أحد { إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ } في العبودية والتوجه نحن الحق { مَّعْلُومٌ } [الصافات: 164] معين مقدر من عنده سبحانه، لا يسع له أن يتجاوز عنه بلا إذن منه سبحانه، بل يلازم كل منا مقامه لمقدر له من ربه، متوجهاً إليه سبحانه، منتظراً لأمره وحكمه بلا غفلة وفترة.

{ وَإِنَّا } معشر الملائكة { لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } [الصافات: 165] على الاستقامة حول عرش الرحمن كصفوف الناس في المساجد، لا يسع لأحد منَّا أن يتعدى من مكانه مستقبلاً أو مستدبراً { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } [الصافات: 166] المنزهون المقدسون لله الواحد الأحد الصمد عن توهم الكثرة والشركة مطلقاً، الراسخون المتمكنون في مرتبة التنزيه والتقديس، فكيف يتأتى منَّا أن نرضى بمفتريات أهل الزيغ والضلال بنا؟! عصمنا الله عموم عباده عن زيغ الزائغين وضلالهم.

السابقالتالي
2