{ وَإِنَّ إِلْيَاسَ } ابن ياسين من أولاد هارون أخي موسى { لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الصافات: 123] من عندنان المؤيدين بوحينا وإلهامنا. اذكر يا أكمل الرسل { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } حين انحرفوا عن سبيل السلامة وطرق الاستقامة بالظلم على عباد الله والخروج عن حدوده { أَلاَ تَتَّقُونَ } [الصافات: 124] وتحذرون عن بطش اله أيها المفسدون المفرطون في الإشراك بالله والدعوة إلى غير الله. { أَتَدْعُونَ } أيها الجاهلون { بَعْلاً } أي: صنماً مسمى به في المهمات والملمات { وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } [الصافات: 125] أي: تتركون الدعوة والرجوع إلى الحق الحقيق بالإطاعة والانقياد، المستحق للعبودية والرجوع إليه في الخطوب. { ٱللَّهَ } بالرفع على الاستئناف، والنصب على البدل، وكذلك { رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [الصافات: 126] برفع البائين ونصبهما على الخبر والبدل على القراءتين؛ أي: مربيكم ومظهركم في كتم العدم وأسلافكم أيضاً، فتعدلون عن عبادته، وتعبدون ما لا ينفعكم ولا يضرطم ظلماً وزوراً. وبعدما سمعوا منه دعوته إلى التوحيد، ورفض عبادة آلهتهم، وقدحه إياها { فَكَذَّبُوهُ } تكذيباً، ولم يلتفتوا إلى قوله ودعوته بل طردوه، وعزموا أن يقتلوه { فَإِنَّهُمْ } بشؤم تكذيبهم رسول الله، وإبائهم عن دعوته إلى التوحيد، واتخاذهم الأصنام والأوثان آلهة دون الله، شركاء معه في استحقاق العبادة والرجوع إليه في الوقائع { لَمُحْضَرُونَ } [الصافات: 127] في العذاب الأليم، مؤبدون في نار الجحيم أبد الآبدين. { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الصافات: 128] منهم، المبادرين إلى الإيمان بعدما سمعوا دعوة الرسل بلا ميل منهم إلى الإنكار والتكذيب. { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ } أي: على إلياس أيضاً ذكراً جميلاً { فِي ٱلآخِرِينَ } [الصافات: 129] حيث يقولون حين ثنائهم عليه وتكريمهم أياه: { سَلاَمٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ } [الصافات: 130] وهو لغة في إلياس؛ كجبريل في جبرائيل، وسينين في سيناء. { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [الصافات: 131] المستحفظين عل أحكامنا ومقتضيات أوامرنا ونواهينا. وكيف لا نجزيه أحسن الجزاء؟! { إِنَّهُ مِنْ } جملة { عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } [الصافات: 132] المتكنين في مقر التوحيد واليقين، الفائزين بمقام الكشف والشهود.