الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } * { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } * { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ }

{ قُلْ } يا أكمل الرسل بعدما بينت لهم طريق الحق كلاماً ناشئاً عن محض الحكمة، خالياً عن وصمة الكذب مطلقاً: { جَآءَ ٱلْحَقُّ } الحقيق بالاتباع، وظهر الإسلام الجدير بالإطاعة والاستسلام، فلكم أن تغتنموا الفرصة وتنقادوا له مخلصين { وَ } نبههم ويا أكمل الرسل أيضاً أنه بعدما ظهر نور الإسلام، وعلا قدره، وارتفع شأنه { مَا يُبْدِىءُ } ويحدث { ٱلْبَاطِلُ } الذي زق واضمحل ظلمته بنور الإسلام، وغار مناره في مهاوي الجهل وأغوار الخذلان { وَ } صار إلى حيث { مَا يُعِيدُ } [سبأ: 49] أصلاً في حين من الأحيان.

سبحان من أظهر أنوار الإسلام ورفع أعلامه، وقمع الكفر وأخفض أصنامه.

ثم لما طعن المشركون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعيَّروه بأن تركت دين آبائك واخترعت ديناً من تلقاء نفسك، فقد ضللت باختيارك هذا، بتركك ذاك عن منهج الرشاد، ورد الله سبحانه عليهم قولهم هذا وتعييرهم، آمراً لنبيه على وجه الامتنان: { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما عيروك وطعنوا في شأنك ودينك: { إِن ضَلَلْتُ } وانحرفت عن سبيل السلامة وجادة الاستقامة { فَإِنَّمَآ أَضِلُّ } وأنحرف { عَلَىٰ نَفْسِي } وبمقتضى أهويتها ومشتهياتها، وشؤم لذاتها وشهواتها { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ } إلى التوحيد والعرفان، ونلت إلى أسباب درجات الجنان { فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } أي: بسبب وحيه وإلهامه إليّ، وامتنانه عليّ بالهداية إلى أنواع الكرامات وأصناف اللذات الروحانية { إِنَّهُ } سبحانه { سَمِيعٌ قَرِيبٌ } [سبأ: 50] يسمع مناجاتي، ويقضي جميع حاجاتي على وجهها إن تعلق إرادته ومشيئته بها بعدما جرى وثبت في حضرة علمه، ومضى عليها قضاؤه في لوحه بحيث لا يفوته شيء.

{ وَ } من كمال قرب الله سبحانه لعباده { لَوْ تَرَىٰ } أيها الرائي وقت { إِذْ فَزِعُواْ } أي: الكفرة والمشركون وقت حلول الأجل ونزول العذاب عليهم في يوم الساعة، لرأيت أمراً فظيعاً { فَلاَ فَوْتَ } أي: حين لا فوت لهم عن الله، لا منهم ولا من أعمالهم و أحوالهم شيء { وَ } إن تحصنوا بالحصون الحصينة والقلاع المنيعة والبروج المشيدة، بل { أُخِذُواْ } حيثما كانوا { مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } [سبأ: 51] من الله، ولو كانوا في قعر الأرض، أو قلل الجبال، أو في قلب الصخرة، أو فوق السماء، أو في أي مكان من الأماكن المخفية، وبالجملة: أُخذوا من مكان قريب بالنسبة إليه سبحانه؛ إذ هو سبحانه منزه عن الأمكنة، شهيد حاضر في جميعها، غير مغيب عنها.

{ وَ } بعدما اضطروا إلى الهلاك أو العذاب في يوم الجزاء { قَالُوۤاْ } بعدما انقرض وقت الإيمان ومضى أوانه: { آمَنَّا بِهِ } أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم { وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ } أي: من أين يتأتى ويحصل لهم تناول الإيمان وتلافيه { مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [سبا: 52] بمراحل عن الإيمان؛ إذ قد انقرض مدة التكليف والاختيار.

السابقالتالي
2