الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل لمن عبد الملائكة واتخذوهم أرباباً من دون الله مستحقين للعبادة والرجوع في الملمات مثله سبحانه، وسموهم شفعاء { يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } في المحشر { جَمِيعاً } العبادون والمعبودون { ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ } على رءوس الأشهاد، وتفضيحاً للعابدين، وتقريعاً لهم: { أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [سبأ: 40] يعني: أهؤلاء المسرفون المشركون ي يعبدون إياكم كعبادتي، بل يخصونكم بالعبادة ويهتمون بشأنكم، هل تستبعدونهم وتسترضون عبادتهم وتوالون معهم، أم يعبدونكم من تلقاء نفوسهم؟!.

{ قَالُواْ } أي: الملائكة خائفين من بطشه سبحانه، مستحيين، متضرعين نحو جنابه: { سُبْحَانَكَ } ننزهل يا مولانا عما لا يليق بشأنك { أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } وأنت المراقب علينا، المطلع على سرائرنا وضمائرنا، المتولي لجميع ما صدر عنا، وأنت تعلم يا مولانا ألاَّ موالاة بيننا وبينهم؛ إذ لا يخفى عليك خافية، ومن أين يسع لنا ويتأتى من الرضا بأمثال هذه الجرأة والجرائم العظيمة، وأنت أعلم يا مولانا بمعبوداتهم التي اتخذوها هؤلاء الغواة الطغاة، الهالكون في تيه الجهل والغفلة؛ لعلو شأنك وشأن ألوهيتك وربوبيتك { بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ } أي: الشياطين الداعين لهم إلى عبادتهم، الراضين بها؛ لأنهم يتمثلون بصور الملائكة، ويدعون الألوهية والربوبية لأنفسهم، ويأمرونهم بالعبادة لأنفسهم، بل { أَكْـثَرُهُم } أي: كل المشركين، وجملة المتخذين أنداداً لله { بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [سبأ: 41] أي: بالشياطين، عابدون لهم، متوجهون نحوهم في عموم مهامهم.

{ فَٱلْيَوْمَ } تبلى السرائر، وظهر ما في الضمائر، ولا سلطان الوحدة الذاتية، وانقهر الأظلال الأغيار، وظهر أن الأمور كلها مفوضة إليه سبحانه، وإن كان قبل ذلك أيضاً، كذلك { لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ } أيها الأظلال المستهلكة في شمس الذات { لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً } لا جلباً ولا دفعاً، ولا لطفاً ولا قهراً { وَ } بعدما انقطع عنهم التصرف مطلقاً، لا معنى ولا صورة، ولا مجازاً ولا حقيقة { نَقُولُ } على مقتضى قهرنا وجلالنا { لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } وخرجوا عن ربقة عبوديتنا ومقتضيات حدودنا الموضوعة لإصلاح أحوال عبادنا: { ذُوقُواْ } أيها الضالون المنهمكون في بحر العدوان والطغيان { عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [سبأ: 42] في نشأتكم الأولى بعدما أُخبرتم على ألسنة الرسل والكتب.

{ وَ } كيف لا نقول لهم ما نقول؛ إذ هم كانوا من غاية عدوانهم وظملهم على الله وعلى رسله وكتبه { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا } الدالة على إصلاح أحوالهم المتعقلة بالنشأتين مع كونها { بَيِّنَاتٍ } واضحات في الدلالة على أهل مقاصدهم ومطالبهم { قَالُواْ } من شدة شكيمتهم وغيظهم على رسول الله: { مَا هَـٰذَا } المدعي للرسالة والنبوة - يعنون الرسول صلى الله عليه وسلم - { إِلاَّ رَجُلٌ } حقير مستبد برأيه، مستبدع أمراً من تلقاء نفسه { يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ } ويصرفكم { عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ } ويستتبعكم؛ أي: يجعلكم تابعين له، بل يستبعدكم بأمثال هذا التلبيس والتقرير { وَقَالُواْ } أيضاً في حق القرآن: { مَا هَـٰذَآ } الذي جاء به { إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى } أي: كذب مختلق غير مطابق للواقع، افتراه على الله؛ تلبيساً وتقريراً على ضعفاء الأنام { وَ } بالجملة: { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ } الصريح، وستروه بالباطل عدواناً وعناداً { لَمَّا جَآءَهُمْ } أي: حين عاينوا به وعلموا أنه من الخوارق العجيبة، واضطروا خائبين حائرين عن جميع طرق الرد والمنع، غير أنهم نسبوه إلى السحر وقالوا: { إِنْ هَـٰذَآ } أي: ما هذا الذي سماه قرآناً { إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [سبأ: 43] ظاهر سحريته، عظيم إعجازه.