الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } * { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

ثمَّ لمَّا نزلت آية التستر والحجاب قيل: يا رسول الله، الأبناء والآباء والأقارب والعشائر أيضاً يتكلمون معهن من وراء الحجاب؟ نزلت: { لاَّ جُنَاحَ } أي: لا إثمولا ضيق { عَلَيْهِنَّ } أي: على أزواجه صلى الله عليه وسلم { فِيۤ } اختلاط { آبَآئِهِنَّ } والتكلم معهن بلا سترة وحجاب { وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ } أيضاَ { وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ } إذ الكل بعيد عن التهمة، مصون عن الريبة { وَلاَ نِسَآئِهِنَّ } يعني: النساء المؤمنات لا الكتابيات { وَلاَ } جناح أيضاً في { مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } من العبيد والإماء، وقيل: من الإماء خاصة دون العبيد، كما مر في سورة " النور ".

{ وَ } بالجلمة: يا نساء النبي المحفوظ، المصون عن أدناس الطبيعة مطلقاً { ٱتَّقِينَ ٱللَّهَ } الغيور المنتقم، واحذرن عن محارمه ومنهياته مطلقاً، وامتثلن بأوامره حتى تشاركن معه صلى الله عليه وسلم في أخص أوصافه { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لضمائركن { كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } خلج في خواطركن من الإثم واللمم { شَهِيداً } [الأحزاب: 55] حاضراً عنده، غير مغيب عنه إلى حيث لا يخفى عليه سبحانه خافية وإن دق ولطف.

ثم أشار سبحانه إلى تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، والاعتناء بشأنه وعلو منزلته ومكانه، فقال: { إِنَّ ٱللَّهَ } المتعزز برداء العظمة والكبرياء { وَمَلاَئِكَـتَهُ } المهيمين عنده، الوالهين بمطالعة جماله، المتسغرقين بشرف لقائه { يُصَلُّونَ } يعتنون ويهتمون بإظهار فضله؛ تبجيلاً وتعظيماً { عَلَى ٱلنَّبِيِّ } الحقيق لأنواع التوقير والتمجيد، المستحق لأصناف الكرامة والتحميد { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله بوسيلة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتحققوا بتوحيده سبحانه بإرشاده صلى الله عليه وسلم أنتم أولى وأحق بتعظيمه وتصليته وتسليمه { صَلُّواْ عَلَيْهِ } مهما سمعتم اسمه وذكرتم بأنفسكم، وقولوا: اللهم صل على محمد { وَسَلِّمُواْ } له { تَسْلِيماً } [الأحزاب: 56] قائلين: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، والآية تدل على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم للمؤمنين كلما جرى ذكره في أي حال من الأحوال والأحيان اللائقة للدعاء.

ثم لما أشار سحبانه إلى علو شأن نبيه صلى الله عليه وسلم وسمو برهانه، وأوجب على المؤمنين تعظيمه وتوقيره والانقياد إليه في جميع أوامره ونواهيه، أراد أن يشير إلى أن من قصد إيذاءه وأساء الأدب معه، يستحق اللعن والطرد، فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } حيث يأتون بالأفعال الذميمة القبيحة، المستكرهة عقلاً وشرعاً عنده صلى الله عليه وسلم فيؤذونه بها، ذكر سبحانه نفسه؛ تعظيماً لشأن حبيبه صلى الله عليه وسلم وإلا فهو منزه عن التأذي والتأثر، أو لأن إيذاءه صلى الله عليه وسلم مستلزم لإذائه سبحانه { لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } المنتقم عنهم، وطردهم عن سعة رحمته { فِي ٱلدُّنْيَا } على ألسنة خلَّص عباده، وأبعدهم عن مجالسهم ومحافلهم { وَٱلآخِرَةِ } عن عز حضوره وسعة رحمته وجنته { وَأَعَدَّ لَهُمْ } في النار { عَذَاباً مُّهِيناً } [الأحزاب: 57] مؤلماً مزعجاً، لا عذاب أسوأ منه وأشد.

ثم أردف سبحانه إيذاءه صلى الله عليه وسلم بإيذاء المؤمنين فقال: { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } بذمائم الأفعال والأقوال، وقبائح الحركات { بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } أي: بغير جريمة صدرت عنهم واستحقوا الجناية عليها { فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ } وتحملوا هؤلاء المؤذين المفترين { بُهْتَاناً } جالباً لأنواع العقوبات { وَإِثْماً مُّبِيناً } [الأحزاب: 58] ظاهراً عظيماً مستعقباً، مستتبعاً لأسوأ الجزاء، وأشد العقاب والنكال؛ إذ رمي المحصنات من أفحش الجنابات.