الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } * { إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }

ثمَّ أشار سبحانه إلى آداب المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وسلم في استئذانهم منه، ودخولهم عليه وتناولهم الطعام عنده وبين يديه، وتكلمهم مع أزواجه صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من الأدب، فقال: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله ورسوله، مقتضى إيمانكم رعاية الأدب مع رسولكم صلى الله عليه وسلم، سيما من قبل بيوته ومحارمه ومساكنه { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ } بغتةً بلا استئذانٍ منكم، بل بيوت سائر المسلمين أيضاً { إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ } دعوةً { إِلَىٰ طَعَامٍ } حاضر عنده حال كونكم { غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ } أي: منتظرين لوقته { وَ } عليكم ألاَّ تدخلوا بلا دعوةٍ { لَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ } واطعموا { فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ } واخرجوا على الفور وتفرقوا.

{ وَلاَ } تتمكنوا بعد الطعام عنده { مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ } يتحدث بعضهم مع بعض، أو تسمعونه منه صلى الله عليه وسلم أو من أهل بيته، أو لمهمٍ آخر من مهماتكم { إِنَّ ذَٰلِكُمْ } أي: اللبث على أيّ وجه { كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي } صلى الله عليه وسلم { مِنكُمْ } أن يخرجكم حسب مقتضى حميته البشرية؛ لأنه صلى الله عليه سولم حييّ حليم، يصبر على أذاكم ولا يخرجكم عنوة { وَٱللَّهُ } المصلح لأحوال عباده، المنبه لهم مصالحهم { لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ } إظهار كلمة { ٱلْحَقِّ } التي يجب إيصاله إلى المؤمنين؛ ليترسخ في قلوبهم ويتمرنوا عليه ويتصفوا به { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ } أي: أزواجه صلى الله عليهم وسلم { مَتَاعاً } وحوائج { فَٱسْأَلُوهُنَّ } متسترين { مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } بحيث لا يقع نظركم إليهن { ذٰلِكُمْ } أي: الستر والتحجب من أزواج النبي { أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ } من أمارات الإثم ومخائل المعصية وسوء الأدب { وَقُلُوبِهِنَّ } أيضاً ترغيماً للشيطان، وتطهيراً لنفوسكم من غوائله وتلبيساته.

{ وَ } بالجملة: اعلموا أيها المؤمنون { مَا كَانَ } أي: ما صح وجاز { لَكُمْ } في حال من الأحوال { أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ } بشيء يكرهه ويستنزه عنه مطلقاً { وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ } المدخولة عليها { مِن بَعْدِهِ أَبَداً } سواء كنَّ حرائر أم إماء { إِنَّ ذٰلِكُمْ } إي: إيذاءه صلى الله عليه وسلم ونكاح نسائه بعده { كَانَ عِندَ ٱللَّهِ } المنتقم الغيور، المقتدر على أنواع الانتقام { عَظِيماً } [الأحزاب: 53] مستجلباً لأليم العذاب وعظيم العقاب.

واعلموا أيها المؤمنون { إِن تُبْدُواْ } تظهروا { شَيْئاً } حقيراً مما يتعلق بإيذائه صلى الله عليه وسلم من قِبَل أزواجه في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد مماته { أَوْ تُخْفُوهُ } في أنفسكم غير مجاهرين به { فَإِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على مكنونات صدوركم { كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ } ظهر على ألسنتكم أو خطر ببالكم { عَلِيماً } [الأحزاب: 54] لا يعزب عن علمه شيء من الدقائق والرقائق.