الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ وَلَوْ تَرَىٰ } أيها المعتبر الرائي يومئذٍ بعدما بعث الخلائق، وعُرضوا على ربهم حيارى سكارى، تائهين هائمين { إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ } المنكرون بالعبث والنشور، والعرض والجزاء وشرف اللقاء حينئذٍ { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ } من غاية الخجالة والحياء، قائلين من نهاية اضطرارهم واضطرابهم، مناجين معه سبحانه { رَبَّنَآ } يا من ربانا بأنواع الكرامة فكفرناك، وأرسلت لنا رسلاً فكذبانهم عناداً، وأنكرنا عليهم وعلى دعوتهم مكابرةً، فاليوم { أَبْصَرْنَا } ما هو الحق المطابق للواقع { وَسَمِعْنَا } منك حقاً صدق رسلك، وجميع ما جاءوا به من عندك { فَٱرْجِعْنَا } بفضلك ولطفك إلى الدنيا مرة بعد أخرى { نَعْمَلْ } فيها { صَالِحاً } مرضياً عندكـ مقبولاً على مقتضى ما أبصرتنا وأسمعتنا الآن { إِنَّا مُوقِنُونَ } [السجدة: 12] اليوم بجميع ما جاء به رسلك، ونطق به كتابك.

لو رأيت حالهم هذا، وسمعت مناجاتهم هذه حينئذٍ لرأيت أمراً فظيعاً فجيعاً، ثمَّ نودوا من وراء سرادقات العز والجلال: الآن قد مضى وقت الاختبار والابتلاء، وانقرض زمان التدارك والتلافي { وَلَوْ شِئْنَا } وتعلق إرادتنا بهدياتكم أولاً { لآتَيْنَا } في دار الابتدلاء { كُلَّ نَفْسٍ } منكم { هُدَاهَا } ووفقكم علهيا كما آتينا لخلَّص عبادنا، ويسرنا لهم الهداية والرشاد { وَلَـٰكِنْ حَقَّ } أي: صحَّ وثبت { ٱلْقَوْلُ } والحكم { مِنِّي } على مقتضى حكمتي ومصلحتي { لأَمْلأَنَّ } بمقتضى عزتي وجلالي { جَهَنَّمَ } المعدة لأصحاب الشقاوة والأزلية { مِنَ ٱلْجِنَّةِ } التي هي جنود إبليس { وَٱلنَّاسِ } الناسين مقتضى العهود الفطرية، والمواثيق الجبلية بتغريرات شياطين نفوسهم الأمَّارة بالسوء { أَجْمَعِينَ } [السجدة: 13] وما يبدل القول لدي، ولا معقب لحكمي.

{ فَذُوقُواْ } أي: قلنا لهم بعدما لم نستجب دعوتهم: ذوقوا اليوم أيها الضالون المسرفون { بِمَا نَسِيتُمْ } أي: بسبب نسيانكم { لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ } مع أن الرسل بالغوا بإخباره إياكم، والكتب نطقت بتبيينه عليكم على أبلغ وجه وآكده، وأنتم أصررتم على الإنكار غافلين ناسيين مكابرين { إِنَّا نَسِينَاكُمْ } اليوم أنواع العذاب، كما نسيتم أنتم إيانا فيما مضى { وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ } أي: المخلَّد المؤبَّد { بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [السجدة: 14] من الكفران الدائم، والنيسان المستمر في النشأة الأولى، أعاذنا الله وعموم عباده من ذلك.