الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }

{ وَمَن كَفَرَ } وأعرض عن التشبث بحبل توفيقه، وانصرف عن الاستمساك بدلائل توحيده وشواهد استقلاله في آثاره { فَلاَ يَحْزُنكَ } يا أكمل الرسل { كُفْرُهُ } وإعراضه عنا، وعن مقتضى ألوهيتنا وربوبيتنا؛ إذ { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } ومصيرهم، كما أن منا مبدأهم ومشأهم { فَنُنَبِّئُهُم } ونخبرهم، ونفصل عليهم { بِمَا عَمِلُوۤاْ } بعدما رجعوا إلينا، ونجازيهم على مقتضاها بلا فوت شيء مما صدر عنهم، وكيف لا يجازون بأعمالهم، ولا يحاسبون عليها { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على جميع ما ظهر وبطن من ذرائر الأكوان { عَلِيمٌ } محيط حضرة علمه { بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [لقمان: 23] وخفيات الأمور وإن دق ولطف، ولا يعزب عنه حيطة علمه شيء؟!.

قل لهم يا أكمل الرسل نيابةً عنا: لا يغتروا بإمهالنا وتمتعينا إياهم، وعدم التفاتنا نحوهم، وعدم انتقامنا عنهم؛ إذ { نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً } أي: زماناً قليلاً تسجيلاً للعذاب عليهم، وتغريراً { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ } بعد بطشنا إياهم { إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [لقمان: 24] لا عذاب أغلظ منه وأشد؛ لغلظ غشاوتهم وقساوتهم.

{ وَ } كيف لا نأخذ أولئك المكابرين المعاندين { لَئِن سَأَلْتَهُمْ } سؤال اختبار وإلزام: { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } وأوجد العلويات، وما فيها من الكواكب والبروج وأنواع الفجاج { وَٱلأَرْضَ } ومن عليها، وما عليها مما لا يُعد ولا يُحصى؟ { لَيَقُولُنَّ } في الجواب مضطرين حاصرين: { ٱللَّهُ } إذ لا يسع لهم إسناد خلقهما وإيجادهما إلى غيره سبحانه؛ لظهور الدلائل والشواهد المانعة من الاستناد إلى غيره سبحانه { قُلِ } يا أكمل الرسل بعدما اعترفوا بأن الموجد للعلويات والسلفيات هو الله سبحانه بالأصالة والاستقلال: { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } حيث اعترفتم بتوحيد الله مع أنكم اعتقدتم خلافه، فيلزمهم لقولهم هذا التوحيد الحق { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [لقمان: 25] لزومه، ولا يفهمون استلزامه؛ لذلك ينكرون له، ويشركون معه غيره عناداً واستكباراً، تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

وكيف لا يعلمون ويفهمون مع أنه { لِلَّهِ } الواحد الأحد، المستحق للألوهية والربوبية، وفي قبضة قدرته وتحت تصرفه جميع { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: العلويات والسلفيات، والممتزجات سواء علموا وحدته واستقلاقه في ملكه او لم يعلموا، أو اعتقدوا بتوحيده أو لم يعتقدوا؛ إذ لا يرجع له سبحانه نفع من اعتقادهم، وضر من عدمه، بل نفع اعتقادهم وإيمانهم إنما يرجع إليهم، وضر كفرهم وشركهم أيضاً كذلك؛ إذ هو سبحانه منزه عنهما جميعاً { إِنَّ ٱللَّهَ } المستغني عن جميع ما ظهر وبطن { هُوَ ٱلْغَنِيُّ } المقصور على الغنى الذاتي { ٱلْحَمِيدُ } [لقمان: 26] بمقتضى أوصافه الذاتية، وأسمئه الحسنى التي بها ظهر ما ظهر وما بطن سواء نطقت بحمده ألسنة مظاهره وأظلاله أو لم تنطق؛ إذ هو في ذاته متعالٍ عن النقص والاستكمال، واستجلاب النفع والإجلال مطلقاً.

ثمَّ لمَّا أمر اليهود وفد قريش بأن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى:

السابقالتالي
2