الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ } * { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ }

ثمَّ قال سبحانه على سبيل التأكيد والمبالغة مشيراً إلى كمال قسوة أهل الزيغ والضلال: { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا } وبيَّنا { لِلنَّاسِ } الناسين طريق الوصول إلى توحيدنا ووحدة ذاتنا { فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } المنزل من عندنا؛ لتبيين طريق توحيدنا، وسلوك سبيل الاستقامة والرشاد فيه { مِن كُلِّ مَثَلٍ } ينبئ لهم عنه، وينبئهم عليه، ويبين لهم كيفية التنبه والتفطن منه، ومع ذلك لم ينتبهوا ولم يتفطنوا إلا قليلاً منه { وَ } من غلظ غشاوتهم، ونهاية غفلتهم وضلالهم { لَئِن جِئْتَهُمْ } يا أكمل الرسل { بِآيَةٍ } من آيات القرآن ملجئةٍ لهم إلى الإيمان، لو تأملوا معناها وتدبروا فحواها { لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } أي: أعرضوا عن الحق، وانصرفوا عن توحيده والإيمان على سبيل الحصر والمبالغة بلا مبالاة بك وبآياتك: { إِنْ أَنتُمْ } أي: ما أنتم في دعواكم هذه أيها المدعون الكاذبون - يعنون: الرسلو والمؤمنين - { إِلاَّ مُبْطِلُونَ } [الروم: 58] متفرون مزروعون، تفترون على الله ما تختلقون من تلقاء نفوسكم تغريراً وترويجاً.

{ كَذَلِكَ } أي: مثل طبعهم وختمهم الذي شهدت يا أكمل الرسل من هؤلاء الجهلة { يَطْبَعُ ٱللَّهُ } الحكيم المتقن في أفعالهن ويختمه { عَلَىٰ قُلُوبِ } جميع الكفرة والجهلة { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الروم: 59] الحق، ولا يذعنون به؛ لتركب جهلهم في جبلتهم، والجهل المركب لا يزول بالقواطع والشواهد قطعاًوَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ } [النور: 40].

وما متى سمعت يا أكمل الرسل من أحوالهم وأوصافهم ما سمعت من عدم قابليتهم واستعدادهم إلى الهداية والرشاد { فَٱصْبِرْ } على إيذائهم، وثق بالله وبوعده الذي وعدك بأن يُظهر دينك على الأديان كلها { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } وإنجازه لما وعد به { حَقٌّ } بلا خلف وتردد { وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ } أي: لا يحملنَّك ويبعثنَّك يا أكمل الرسل على الخفة والاضطراب، وقلة التصبر، وعدم الثقة بالله القوم { ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ } [الروم: 60] ولا يتصفون باليقين في أمر من الأمور أصلاً، فيكف بالمعارف والحقائق الإلهية؛ إذ هم مجبولون على فطرة الضلال، مترددون في بيداء الوهم والخيال، لا نجاة لهم منها في حال من الأحوال؟!.

هب لنا من لدنك جذبةً تنجينا عن مضيق الجهل والضلال، ووصلنا إلى سعة العلم وفضاء الوصال، نحمدك على كل حال، ونسعيذ بك منك من جميع الأهوال.

خاتمة السورة

عليك أيها المحمدي المتحقق لمرتبة اليقين العلمي والعيني والحقي - مكنك الجق من مقر لاهوتك، وجنبك على لوازم ناسوتك مطلقاً - أن تتصبر على أذيات أصحاب التقليدات والتخمينات، وتتحمل على تشنعيات أرباب الظنون والجهالات المترددون في تيه الجهل الضلال بمتابعة الوهم والخيال، وتصفي خاطرط وضميرك عن معارضتهم ومقابلتهم، والبغض معهم والالتفات إليهم مطلقاً؛ إذ هم قوم خذلهم الله وأحطهم عن مرتبة الإنسان التي هي التحقق بمقام اليقين والعرفان، والتمكن في مرتبة الخلافة والنيابة من الرحمن المستعان، والتخلق بأخلاق الحنَّان المنَّان، وأسكنهم في مضيق الإمكان مقيدين بسلاسل التقليد وأغلال الحسبان، لا نجاة لهم منها أبداً.

السابقالتالي
2