الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } * { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ }

{ مَن كَفَرَ } فيما مضى { فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي: وبال كفره وفسقه ملازم معه يدخله في النار، ويخلده فيها مهاناً { وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً } فيما مضى { فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } [الروم: 44] أي: فهم بإيمانهم وعملهم الصالح يمهدون، ويبسطون لأنفسهم منزلاً ومهاداً في الجنة هم فيها خالدون.

والسر في قيام الساعة والنشأة الأخرى: { لِيَجْزِيَ } سبحانه { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وأيقنوا بتوحيده وبجميع ما جاء من عنده على رسله { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } المقبولة عنده امتثالاً لما أُمروا به على ألسنة رسله { مِن فَضْلِهِ } أي: يجزيهم من محض فضله ولطفه معهم، ومحبته إياهم بأضعاف ما استحقوا بأعمالهم وإيمانهم، ويجزي الكافرين أيضاً بمقتضى عدله بمثل ما اقترفوا من الكفر والشرك وأنواع الظلم والظلال { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } [الروم: 45] المصرين على الكفر والضلالن سيما بعد إرساله سبحانه إليهم منْ يصلحهم ويهديهم إلى صراط مستقيم، فكذبوه وأنكروا له عناداً واستكباراً.

{ وَمِنْ } جملة { آيَاتِهِ } سبحانه الدالة على كمال رأفته ورحمته للمؤمنين المتحققين لمرتبة التوحيد، المتمكنين بمقر الوحدة الذاتية: { أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ } المشتملة لأنواع الروح والراحة، المهبة من نفحات النفسات الرحمانية؛ ليتعرضوا لها ويستنشقوا منها فيضان آثار اللطف والجمال، مع كونها { مُبَشِّرَاتٍ } لمزيد فضله وطوله، ونزول أنواع رحمته وجوده { وَلِيُذِيقَكُمْ } ويفيض عليكم { مِّن } سعة { رَّحْمَتِهِ } ما ينجيكم ويخلصكم من لوازم بشريتكم وناستوكم { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ } أي: سفن تعيناتكم الجارية في بحر الوجود { بِأَمْرِهِ } وعلى مقتضى مشيئته وإرادته { وَلِتَبْتَغُواْ } وتطلبوا بعدما فوضتم أموركم إليه واتخذتموه وكيلاً { مِن } موائد { فَضْلِهِ } وإحسانه، وعوائد كرمه وجوده ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر { وَ } إنما فعل معكم سبحانه هذه الكرامات { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [الروم: 46] رجاء أن تشكروا نعمه، وتفوزوا بمزيد كرمه، وتتحقوا بمقام معرفته وتوحيده الذي جبلتم لأجله.

ثمَّ قال سبحانه مقسماً تسليةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإزالةً لهمه وحزنه من تكذيب الجهلة المسرفين، المشركين بالله، المستهزئين مع رسوله: { وَ } الله { لَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } يا أكمل الرسل { رُسُلاً } مبشرين ومنذرين { إِلَىٰ قَوْمِهِمْ } الذين ظهرتْ عليهم أمارات الكفر والطغيان، وعلامات الكفر والعدوان { فَجَآءُوهُم } مؤيَّدين من عندنا { بِٱلْبَيِّنَاتِ } الواضحة، والمعجزات اللائحة، ففاجئوا على تكذيبهم عناداً واستكباراً بلا تدبر وتأمل منهم في آياتهم وبيناتهم { فَٱنتَقَمْنَا } بمقتضى قهرنا وجلالنا { مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } بالجرائم العظام، سيما تكذيب الرسل - عليهم السلام - { وَ } كيف لا ننتقم عنهم بتكذيبهم رسلنا، مع أنه { كَانَ حَقّاً عَلَيْنَا } بمقتضى ما ثبت في لوح قضائنا، وحضرة علمنا { نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } [الروم: 47] أي: نصر الرسل والمؤمنين بهم، وتغليبهم على الكفارين بعدما امتثلوا لأوامرنا، و اجتنبوا عن نواهينا، وبلَّغوا جميع ما أمرناهم وأوحيناهم إلى ما أرسلناهم، فكذبوهم ولم يقبلوا منهم؟!.