الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } * { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ }

{ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تذكيراً وعظة وتنبيهاً على ما في فطرتهم الجبلية: { إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ } من محبة أقاربكم { أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ } المحيط بظواهركم وبواطنكم { وَيَعْلَمُ } أيضاً بعلمه الحضوري جميع { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من الكائنات والفاسدات أزلاً وأبداً { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } منها لا يغيب عن علمه مما لمع عليه نور وجوده { وَٱللَّهُ } المتجلي لذاته بذاته { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من مظاهر تجلياته { قَدِيرٌ } [آل عمران: 29] بلا فتور وقصورن، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، يجازيهم على مقتضى علمه وقدرته في النشأة الأخرى.

{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ } خيرة { مَّا عَمِلَتْ } في النشأة الأولى { مِنْ خَيْرٍ } إحسان وإنعام وعمل صالح ويقين وعرفان { مُّحْضَراً } بين يديه يستحضره ويود استعجاله { وَ } كذا تجد كل نفس شديدة { مَا عَمِلَتْ } فيها { مِن سُوۤءٍ } غير صالح وكفر ونفاق وشرك وشقاق محضراً بين يديه، مشاهداً بين عينيه تستأخره وتتمنى بعده { تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً } وزماناً متطاولاً، بل يتمنى ألاَّ تلقاه أصلاً { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ } بهذا التذكير والتنبيه { نَفْسَهُ } وقدرته على الانتقام وزيادة قهره وغضبه على من استكبر عن أوامره ونواهيه { وَٱللَّهُ } القادر المقتدر على انتقام العصاة { رَؤُوفٌ } عطوف مشفق { بِٱلْعِبَادِ } [آل عمران: 30] الذين يترصدون إلى الله بين طرفي الخوف والرجاء، معرضين عن جانبي القنوط والطمع.

{ قُلْ } أيها المخلوق على صورتنا، المجبول على مقتضيات جميع أوصافنا وأسمائنا، المتخلق بجميع أخلاقنا، لمن أراد إرشادهم وتبلغهم من البرايا { إِن كُنتُمْ } أيها الأضلال المنهمكون في بحر الغفلة والضلال { تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } أي: تدعون محبة الله المظهر لكم من العدم، وتطلبون التوجه إلى جنابه والترب نحو بابه { فَٱتَّبِعُونِي } بأمره وحكمه { يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ } أي: يقربكم إلى جنابه، ويوصلكم إلى ضرف لقائه { وَيَغْفِرْ } يستر، ويضمحل { لَكُمْ } عن أبصاركم وبصائركم { ذُنُوبَكُمْ } التي حجبتم بها عن مشاهدة جمال الله وجلاله، ومعاينة أسمائه وصفاته { وَٱللَّهُ } الهادي لكم إلى صراط توحيده { غَفُورٌ } لكم يرفع موانع وصولكم { رَّحِيمٌ } [آل عمران: 31] لكم يوصلكم إلى مطلوبكم.

{ قُلْ } لهم أيضاً أجل أعمالكم وأفضالها إطاعة أمر الله وإتباع رسوله المرسل إليكم { أَطِيعُواْ ٱللَّهَ } في امتثال جميع أوامره وأحكامه، واجتناب جميع نواهيه ومحظوراته مما فاز به المؤمنون { وَ } أطيعوا { ٱلرَّسُولَ } المبلغ لكم كتاب الله، المبين لكم المراد منه، فإن أطاعوا فازوا مما فاز به المؤمنون { فإِن تَوَلَّوْاْ } أعرضوا عن إطاة الله ورسوله، فقد كفروا فلهم ما سيجري عليهم من عذاب الله وغضبه في النشأة الأخرى { فَإِنَّ ٱللَّهَ } الهادي لعباده { لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } [آل عمران: 32] منهم لا يقربهم ولا يرضى عنهم، بل يعذبهم ويبعد9م عن عز حضورهم.