الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } * { لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }

إذ { كُلُّ نَفْسٍ } خيرة كانت أو شريرة { ذَآئِقَةُ } كأس { ٱلْمَوْتِ } عند حلول الأجل المقدر له من عندنا { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ } تعطون؛ أي: جزاء أعمالكم خيراً كان أو شراً { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } التي هي يوم الجزاء { فَمَن زُحْزِحَ } بعد منكم بعمله الصالح { عَنِ ٱلنَّارِ } المعدة للفجرة والفساق { وَأُدْخِلَ } بها { ٱلْجَنَّةَ } التي أعدت للسعداء { فَقَدْ فَازَ } فوزاً عظيماً، ومن لم يزحزح عن النار؛ لفساد عمله، وأُدخل فيها بسببه، فقد خسر خسراناً مبيناً { وَ } اعلموا أيها المكلفون بالإيمان والأعمال والصالحة المتفرعة عليه: { ما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } التي أنتم فيها تعيشون { إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } [آل عمران: 185] يغركم بلذاتها الفانية الغير القارة عن النعيم الدائم والسرور المستمر، وأنتم أيها المغررورون بمزخرفاتها لا تنتبهون.

والله أيها المؤمنون { لَتُبْلَوُنَّ } ولتختبرن { فِيۤ } إتلاف { أَمْوَالِكُمْ } التي هي من حطام الدنيا { وَ } إماتة { أَنْفُسِكُمْ } وأولادكم التي هي الهالكة، المستهلكة في ذواتها { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ } من اليهود والنصارى { وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ } ممن لا كتاب لهم و لانبي { أَذًى كَثِيراً } يؤذيكم سماعها؛ كل ذلك لتوطنوا أنفسكم على التوحيد، وتتمكنوا في مقام الرضا والتسليم وتستقروا في مقام العبودية، متمكنين، مطمئنين بلا تزلزل وتلوين { وَإِن تَصْبِرُواْ } أيها الموحدون بأمثالها { وَتَتَّقُواْ } عن الإضرار بها { فَإِنَّ ذٰلِكَ } الصبر والتقوى { مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [آل عمران: 186] أي: الأمور التي هي من عزائم أرباب التوحيد، فعليكم أن تلازموها وتواظبوا عليها، إن كنتم راسخين فيه.

ثبتنا بلطفك على نهج الاستقامة، وأعذنا من موجبات الندامة يوم القيامة.

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل لمن يؤذيك، ومتبعيك من أهل الكتاب وقت { إِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ } المرسل للرسل، المنزل للكتب { مِيثَاقَ } أي: العهد الوثيق { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } أي: أحبار اليهود والنصارى { لَتُبَيِّنُنَّهُ } أي: الكتاب صريحاً واضحاً، بلا تبديل ولا تغيير { لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } شيئاً مما فيه من القصص والعبر والرموز والإشارات، وخصوصاً من أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم { فَنَبَذُوهُ } بعدما عهدوه { وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } وإن كان المعهود عند أولي العزائم الصحيحة أن يكون نصب عيونهم { وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ } أي: اختاروا بدله { ثَمَناً قَلِيلاً } من الرشى من مترفيهم ومستكبريهم؛ حفظاً لجاههم ورئاستهم { فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } [آل عمران: 187] تلك الرشى بدل مما يكتمونه من أوصاف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.