الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } * { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ }

وبعدما بيَّن سبحانه جرائم المؤمنين يوم أُحد، وذلتهم ومتابعتهم للمنافقين في التخلف عن رسول الله، والميل إلى الغنيمة، وترك المركز مع كونهم مأمورين على خلافها، أراد أن ينبه عليهم سرائر الغزو والشهادة فيه، وبذل المهج في سبيله، فقال مخاطباً لرسوله على طريق الكف والنهي؛ لينبه من يقتدي به من المؤمنين؛ لأن أمثال هذه الخطابات والتنبيهات إنما يليق لمن وصل إلى ذورة مسالك التوحيد، وتحقق بنهاية مراتب التجريد والتفريد بقوله: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } باذلين أرواحهم في طريق الفناء؛ ليفوزوا بشرف البقاء { أَمْوَاتاً } منقطعين عن الحياة والحركة، كالأموات الأخر { بَلْ } هم { أَحْيَاءٌ } ذو أوصاف وأسماء أزلية أبدية، مقربين بها { عِندَ رَبِّهِمْ } الجامع لجميع الأوصاف والأسماء { يُرْزَقُونَ } [آل عمران: 169] بها من عنده.

{ فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ } من موائد المعرفة والإحسان بواسطتهما { مِن فَضْلِهِ } دائماً، خالدين فيها { وَ } مع تلك اللذة والفرح { يَسْتَبْشِرُونَ } يطلبون الباشرة والشفاعة من الله { بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ } من إخوانهم الذين بقوا من خلفهم في دار الدنيا التي هي دار الخوف والعناء، محل الخطر الفناء، قابلين لهم منادين، منبيهن أن { أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } لم يحلقوا بنا { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [آل عمران: 170] لم يخلصوا عن الدنيا ولوازمها.

بل { يَسْتَبْشِرُونَ } دائماً لأنفسهم ولإخوانهمه { بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } جزاء لما جاهدوا في سيله وفضل مع عطاء منه، وامتناناً عليهم من لطفه { وَ } اعلموا أيها العاملون؛ لرضاء الله، المجاهدون في سبيله { أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 171] الذين بذلوا جهدهم في محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم خصوصاً.

{ ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ } طلبوا الإجابة { للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } حين دعاهم الله ورسوله إلى المقاتلة { مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } من العدو بلا مماطلة وتسويف، بل رغبتهم أشد من الكرة الأولى.

وذلك أن أبا سفيان وأصحابه لما رجعوا من المدينة، فبلغوا الروحاء ندموا وقصدوا الرجوع؛ ليستأصلوهم، فبلغهم الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فندب أصحابه للخروج في طلبهم، وقال: لا يخرج معنا اليوم إلا من كان معنا أمس.

فخرج صلى الله عليه وسلم مع جماعة من المؤمنين حتى بلغوا حمراء الأسد، وهي على ثمانية أميال من المدينة، وكان بأصحابه الفرح والسرور، متلهفين، متحسرين للشهادة، مشتوقين إلى مرتبة إخوانهم الذين استشهدوا في سبيل الله، فمر بهم معبد الخزاعي، وكان مشركاً يومئذ، فقال: يا محمد، لقد عز علينا ما أصابك وأصاحبك، ثم خرج فلقي أبا سفيان بالروحاء، فقال له أبو سفيان: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد قد خرج مع أصحابه، يطلبونكم على مهور لم أر مثلهم في الجراءة أحداً، يتحرقون عليكم تحرقاً لو لقيتم، قال أبو سفيان: ويلك! ما تقول؟ قال: والله، ما أراك تحل حتى ترى نواحي الخيل، قال: فوالله لقد أجمعنا للكرة عليهم؛ لنستأصل بقيتهم، قال: فإني والله، أنهاك عن ذلك.

السابقالتالي
2