الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ } استدبروا وتخلفوا { مِنكُمْ } أيها المؤمنون؛ ترهيباً وجبناً، بلا كفر ونفاق { يَوْمَ } وقت { ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } الصفَّان للقتال { إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ } وأزال قدمهم عن التثبت والتفرد { بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } بشؤم بعض ما كسبوا، بتسويلات نفوسهم التي هي من جنود الشيطان { وَ } بعدما ندموا واستغفروا، وأخلصوا الرجوع إلى الله { لَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بلطفه { إِنَّ ٱللَّهَ } العفو عن ذنوب عباده { غَفُورٌ } ستَّار لهم ما صدر عنهم الآثام { حَلِيمٌ } [آل عمران: 155] لا يعجل بالبطس والانتقام؛ ليتوبوا ويرجعوا.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } عليكم أن تحافظوا على مقتضى الإيمان والتوحيد، ولا تنسبوا الحوادث إلى غير الله، بل تفوضوا جميعاً إلى الله أصاله حتى { لاَ تَكُونُواْ } أيها المؤمنون { كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله بانتساب الحوادث إلى الأسباب أولاً وبالذات { وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ } الذين ماتوا في حقهم { إِذَا ضَرَبُواْ } سافروا { فِي ٱلأَرْضِ } للتجارة والسياحة { أَوْ } قتلوا، أو { كَانُواْ غُزًّى } غازين في سبيل الله، طالبين رتبة الشهادة:

{ لَّوْ كَانُواْ } هؤلاء الميتين والمقتولين متوكلين، متمكنين { عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ } في الغربة { وَمَا قُتِلُواْ } في يد العدو، معتقدين أن وما أصابهم، إنما أصابهم من الغزو والغربة لا من الله، وإنما أخطرهم سبحانه بهذا الرأي، وأقوالهم بهذا القول { لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ } المنتقم منهم في النشأة الأولى والأخرى { ذٰلِكَ } الحزن والأسف { حَسْرَةً } مستمكنة { فِي قُلُوبِهِمْ } وتمرضهم وتضعفهم بها في الدنيا، وتعذبهم في الآخرة { وَٱللَّهُ } القادر المقتدر، المستقل في الإحياء والإماتة { يُحْيِـي } بلطفه { وَيُمِيتُ } يقهره بلا مظاهرة ولا مشاركة { وَٱللَّهُ } المطلع لسرائر عباده { بِمَا تَعْمَلُونَ } أيها المؤمنون { بَصِيرٌ } [آل عمران: 156] ناقد خبير، يميز ويصفي إخلاصكم من الرعونة والرياء، وأعمالكم من الميل إلى البدع والأهواء.

{ وَ } الله أيها المؤمنون المتوجهون إلى الله، الطالبون الوصول إلى زلال توحيده { لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } طالبين لرضاه { أَوْ مُتُّمْ } قبل موتكم، سالكين، سيَّاحين في طريق الفناء فيه { لَمَغْفِرَةٌ } سترة ساترة لأنانيتكم، ناشئة { مِّنَ } ضرب { ٱللَّهِ } لكم إلى توحيده الذاتي { وَرَحْمَةٌ } فائضة منه، مفنية لهوياتكم بالمرة في هويته { خَيْرٌ } لكم { مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [آل عمران: 157] وتدخرون أنتم لأنفسكم بهوياتكم الباطلة، وإن كنتم خيرين فيها.