الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ ٱلْكَافِرِينَ } * { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } * { وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ }

{ إِن يَمْسَسْكُمْ } ويصبكم أيها المجاهدون في سبيل الله؛ لإعلاء كلمته { قَرْحٌ } ضيق ومشقة من أعداء الله يوم أُحد، لا تبالوا به ولا تضعفوا بسببه، ولكم أن تذكروا يوم بدر { فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ } العدو { قَرْحٌ مِّثْلُهُ } بل أشد من ذلك، ومع ذلك لم يضعفوا ولم يجنبوا، مع كونهم ساعين على الباطل، وأنتم أحقاء بألاَّ تجبنوا ولا تشعفوا؛ لكونكم مجاهدين في طريق الحق، ساعين لترويجه { وَ } اعلموا أن { تِلْكَ ٱلأَيَّامُ } أي: أيام النصر والظفر والقرح والغنيمة أيام وأزمان { نُدَاوِلُهَا بَيْنَ } جميع { ٱلنَّاسِ } محقهم ومبطلهم، مؤمنهم وكافرهم؛ ليعلموا أنهم جميعاً تحت حيطة أوصافنا الجمالية والجلالية، واللطفية والقهرية.

{ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ } أي: ينبه ويرشد خصوصاً { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد الله بأمورهم على الجهاد طريق الفناء فيه؛ ليفوزوا بشرف بقائه { وَ } لذلك { يَتَّخِذَ مِنكُمْ } أيها المؤمنون { شُهَدَآءَ } واصلين، أحياء دائمين { وَٱللَّهُ } المتوحد بذاته { لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [آل عمران: 140] المتجاوزين عن طريق توحيده المائلين عن صراطه المستقيم.

{ وَلِيُمَحِّصَ } يطهر ويصفي { ٱللَّهُ } بلطفه قلوب { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } تيقنوا وتحققوا بصفاء التوحيد { وَيَمْحَقَ } ويهلك في ظلمة البعد والإمكان { ٱلْكَافِرِينَ } [ال عمران: 141] الساترين بهوياتهم الباطلة، المظلمة الكثيفة نور صفاء الوجود.

أتحسبون وتطمعون أيها المريدون، القاصدون سلوك طريق التوحيد، أنكم مستوون عند الله في السلوك { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } الوحدة الذاتية { وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ } أي: لم يفرق، ولم يميز الله بعلمه الحضري { ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ } في سبيله ظاهراً وباطناً، وبذلوا جهودهم فيها إلى أن بذلوا مهجهم فتفانوا في الله حتى صاروا شهداء حضراء أمناء عند الله، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون عن المتقاعدين المتكاسلين { وَ } أيضاً { يَعْلَمَ } وليميز منكم { ٱلصَّابِرِينَ } [آل عمران: 142] المتمكنين في مرمى القضاء الرضا بما جرى عليهم من سهام التقدير، بلا إقدام ولا إحجام.

{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ } أيها المحمديون، المستكشفون عن سرائر التوحيد الذي { تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ } الموصل إلى مرتبة اليقين العيني والحقي عند وصولكم إلى مربتة اليقين العلمي، مسرعين عليها؛ شوقاً واستلذاذاً { مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ } متى ظهرت أمارات التوحيد، ولمع سراب الفناء، وبرق صوارم القضاء المفضية إلى هلاك الغير والسوى مطلقاً { وَأَنْتُمْ } أيها الطالبون للوصول إلى جنة الذات { تَنظُرُونَ } [آل عمران: 143] تبطئون وتغتبرون.