الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ } * { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

ثم أوحى إ ليك بأن قلت: { بَلَىۤ } يكفيكم هذا القدر، أن تستغيثوا وتستلجئوا إلى الله؛ رغباً وترهيباً من العدو، ولكن { إِن تَصْبِرُواْ } في مقابلتهم ومقاتلتهم { وَتَتَّقُواْ } عن الاستدبار والانهزام، وتصيروا فرَّارين، كرارين مراراً، طالبين رضا الله وإمضاء حكمه، وإنفاذ قضائه، يزيد عليكم { وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا } أي: ساعتهم الحاضرة التي هي هذه { يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ } أجراً؛ لصبركم وتقواكم { بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } [آل عمران: 125] معلمين، معلومين، ممتازين عن البشر.

{ وَ } اعلموا أيها المؤمنين { مَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } الهادي لعابده إلى زلال توحيده، أمثال هذه الإمدادات والإرهاصات الواردة في أمثال هذه الوقائع { إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ } يبشركم بمقام التوكل والتفويض والرضا والتسليم { وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ } أي: لتكونوا مطمئنين بالله، فانين ببقائه { وَ } اعلموا أيضاً { مَا ٱلنَّصْرُ } والانهزام { إِلاَّ } مقدرين { مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } العليم العلام { ٱلْعَزِيزِ } القادر والغالب على الإنعام والانتقام { ٱلْحَكِيمِ } [آل عمران: 126] المتقن في فعله على أتم الوجه، وأكمل النظام.

وإنما جعله وبشر به { لِيَقْطَعَ } وليستأصل { طَرَفاً } جملة وجماعة { مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } أعرضوا عن طريق التوحيد، فينهزم الباقون { أَوْ يَكْبِتَهُمْ } أي: يخزيهم ويرديهم { فَيَنقَلِبُواْ } جميعاً { خَآئِبِينَ } [آل عمران: 127] خاسرين، نادمين.

وإذا كان الكل من عند الله العزيز الحكيم { لَيْسَ لَكَ } يا أكمل الرسل { مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } أي: شيء من أمورهم، بل الأمر كله لله، فله أن يفعل معهم ما شاء وأراد، إما أن يستأصلهم { أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } توبة تنجيهم من أنانيتهم { أَوْ يُعَذِّبَهُمْ } دائماً؛ جزاء لظلمهم وكفرهم { فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } [آل عمران: 128] مستقرون على الظلم ما داموا في الحياة الدنيا.

{ وَ } كيف لا تكون أمورهم مفوضة إلى الله؛ إذ { للَّهِ } خاصة مستقلة بلا مزاحم ومشارك { مَا } ظهر { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا } ظهر { فِي ٱلأَرْضِ يَغْفِرُ } يستر { لِمَن يَشَآءُ } جريمة المخالفة لطريق التوحيد بعد رجوعه وإنابته إليه سبحانه { وَيُعَذِّبُ } بها { مَن يَشَآءُ } في جهنم البعد والخذلان { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } لمن تاب واستغفر { رَّحِيمٌ } [آل عمران: 129] لمن استحى وندم.