الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } * { هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم أن { لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً } صديقاً وصاحب سر، تستودعون سرائركم عنده { مِّن دُونِكُمْ } أي: الكفار دون المؤمنين، واعلموا أنهم { لاَ يَأْلُونَكُمْ } لا يمنعون عنكم ولا يقصرون في شأنكم { خَبَالاً } ضرراً وفساداً، بل { وَدُّواْ } رجوا دائما { مَا عَنِتُّمْ } أي: ضرركم وهلاككم، ومن غاية وداتدتهم { قَدْ بَدَتِ } ظهرت { ٱلْبَغْضَآءُ } المكنونة في نفوسهم { مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } بلا قصد واختبار { وَ } لا شك أن { مَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ } قصداً واختياراً { أَكْبَرُ } مما تبدي أفواههم وألسنتهم هفوة واضطراراً { قَدْ بَيَّنَّا } أوضحنا { لَكُمُ } أيها المؤمنون { الآيَاتِ } المتعلقة لأمور معاشكم ومعادكم { إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [آل عمران: 118] تفهمون مقصادها، وتتعظون بها، وتعملون بمقتضاها.

{ هَآأَنْتُمْ } أيها المؤمنون { أُوْلاۤءِ } الخاطئون، المغفلون الذين { تُحِبُّونَهُمْ } محبة صادقة { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } إلا تلبيساً ونفاقاً { وَ } أنتم { تُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ } أي: بجميع الكتب النازلة من عند الله على رسله، وهم لا يؤمنون بكتابكم الجامع لما في الكتب السالفة، { وَ } من غاية نفاقهم معكم { إِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ } تلبيساً وتقريراً: { آمَنَّا } بدينكم وكتابكم ورسولكم { وَإِذَا خَلَوْاْ } مضوا عنكم { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ } غاية { ٱلْغَيْظِ } وعدم القدرة على الانتقام والتشفي { قُلْ } يا أكمل الرسل نيابة عنا، مخاطباً لهم على وجه التقريع والتوبيخ: { مُوتُواْ } أيها المنافقون { بِغَيْظِكُمْ } المتزايد المترقى يوماً فيوماً، حسب ارتفاع قدر الإسلام وعلو شأنه، ولا تأمنوا عن مكر الله وانتقامه { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [آل عمران: 119] يعلم ما تخفون فيها منا لكفر والنفاق، ويجازي على مقتضى علمه، ولا يغرب عن علمه شيء.

ومن غاية حسدهم ونهاية بغضهم { إِن تَمْسَسْكُمْ } وتحيط بكم { حَسَنَةٌ } مسرة مفرحة لنفسوكم { تَسُؤْهُمْ } وتشق عليه من كمال عداوتم ونفاقهم { وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ } مملة مؤلمة { يَفْرَحُواْ بِهَا } تشفياً وتفرجاً، شامتين بها، سارين عليها { وَإِن تَصْبِرُواْ } على غيظهم وأذاهم { وَتَتَّقُواْ } وترجعوا إلى الله مفوضين أموركم إليه يحفظكم عن جميع ما يؤذيكم، بحيث { لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ } مكرهم وحيلتهم { شَيْئاً } من الضرر { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لسرائرهم وضمائرهم { بِمَا يَعْمَلُونَ } من الحيل والمخايل { مُحِيطٌ } [آل عمران: 120] لا يشذ عن علمه شيء ولو خطرة وطرفة.

وعلى قراءة " تعملون " بالخطاب، كان المعنى { إِنَّ ٱللَّهَ } الموفّق لكم على دين الإسلام { بِمَا يَعْمَلُونَ } من الصبر والتقوى، والتفويض والرضوخ إلى المولى { مُحِيطٌ } حاضر، غير مغيَّب عنكم وعن علمكم.