الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ قَالُوۤاْ إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } * { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطاً قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } * { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرْجُواْ ٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

وبعدما استحقوا الإهلاك والاستئصال بإصرارهم عليها وعدم امتناعهم عنها مع كونهم مجاهرين بها، مفاخرين بإظهارها، أخذناهم بغتة واستأصلناهم مرة { وَ } ذلك { لَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُشْرَىٰ } أي ليبشروه بهبة الولد والنافلة { قَالُوۤاْ } مخبرين له عن طريق الوحي من الله: { إِنَّا مُهْلِكُوۤ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ } يعني: سدوم، وجاعلوها منقلبة على أهلها { إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ } [العنكبوت: 31] خارجين عن مقتضى الحدود الإلهية، منقلبين الحكمة البديعة بالبدعة الشنيعة.

ولما سمع إبراهيم عليه السلام منهم ما سمع { قَالَ } مضطرباً قلقاً: { إِنَّ فِيهَا لُوطاً } من خُلص عباد الله { قَالُواْ نَحْنُ أَعْلَمُ } منك { بِمَن فِيهَا } بتعليم الله إيانا { لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ } مما سيصيب قومه بأمر الله علينا بإنجائه، ومن معه من أهل بيته والمؤمنين له { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } [العنكبوت: 32] الهالكين لنفاذ قضاء الله على هلاكها فيهم؛ إذ هي من جملتهم ومن عدادهم وفي زمرتهم.

{ وَ } بعدما بشروا إبراهيم بما بشروا، وأخبروا له ما أخبروا توجهوا نحو لوط، اذكر يا أكمل الرسل { لَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ } أي: فجاءته المساءة والسآمة والكرب بقدومهم { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } أي: ضاف ذرع طاقته بنزولهم؛ إذ اشتد عليه حفظهم عن أهل القرية، وضاقت طاقته عن تدبير خلاصهم له منهم؛ لأنهم جاءوا على صورة صبيان صباح ملاح، أمارد في غاية الحسن وكمال الجمال، فهم مشغوفون بطلب أمثالهم { وَ } لما تفرس الرسل منه الخوف والحزن والضجرة وأنواع الغموم والهموم العارضة لهم من إلمامهم إياه { قَالُواْ } له تفريجاً لهمه: { لاَ تَخَفْ } يا لوط إضرارهم بنا { وَلاَ تَحْزَنْ } من لحوق العار عليك بسببنا؛ لأنا رسل ربك، أرسلنا الله لنصرك وتأييدك وإنزال العذاب على قومك، ولا تحزن أيضاً تعذيبنا لك ولمن تبعك { إِنَّا } بأمر ربنا { مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ } مما يصيبهم من العذاب والهلاك { إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } [العنكبوت: 33] الهالكين، هكذا ثب تفي حضرة علم الله ولوح قضائه.

ثم فصلوا له العذاب وقالوا: { إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَىٰ أَهْلِ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } أي: عذاباً ذا رجز؛ أي: قلقاً واضطراباً يقلق المضطرب المعذب، ويضطربه اضطراباً شديداً حين نزوله { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } [العنكبوت: 34] اي: بفسقهم الذي باهوا به وتمادوا فيه مجاهرين مصرين.

{ وَلَقَد } بعدما انتقمنا منهم وأخذناهم بفسقهم { تَّرَكْنَا } وأبقينا { مِنْهَآ } أي: من حكايتهم وقصتهم { آيَةً بَيِّنَةً } أي: عبرة ظاهرة لائحة { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [العنكبوت: 35] حتى يستعلموا عقولهم في مواضع العبر، ويتأملون فيها معتبرين منها مستبصرين بها، فاعتبروا يا أولي الأبصار، واعلموا أن الأبرار إنما يتميزون عن الأشرار بالاعتبار والاستبصار.

بصرنا الله بعيوب نفوسنا، وجعلنا من المعتبرين بعيوب الغير عند وجوده.

{ وَ } أرسلنا أيضاً { إِلَىٰ مَدْيَنَ } حين ظهر فيه الخيان في المكيلات والموزونات { أَخَاهُمْ شُعَيْباً } ليصلح ما فيهم من المفاسد { فَقَالَ } بعدما بعثناه إليهم منادياً لهم ليقبلوه ويطيعوا أمره: { يٰقَوْمِ } أضافهم إلى نفسه؛ لكمال العطف والشفقة وإمحاض النصح { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } الواحد الأحد، الحقيق بالعبادة والإطاعة { وَٱرْجُواْ } من الله { ٱلْيَوْمَ ٱلأَخِرَ } أي: ائتوا بالإيمان والإخلاص والعمل الصالح، راجين من الله الثواب في يوم الجزاء { وَ } عليكم أن { لاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } ولا تتحركوا عليها حال كونكم { مُفْسِدِينَ } [العنكبوت: 36] لمصالح عباد الله وأمور معاشهم ومعادهم.

السابقالتالي
2