الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتِنَا بِعَذَابِ ٱللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ وَ } بعدما خرج عليه السلام من سواد الكوفة مع لوط وزوجته وصل إلى حران، ثم منها إلى الشام، فنزل فلسطين ونزل لوط سدوم، ثم لما استقر وتمن على فلسطين { وَهَبْنَا لَهُ } من كمال لطفنا معه وفضلنا إياه ابنه { إِسْحَاقَ } نافلة { وَيَعْقُوبَ } ليزول بهما كربة الغربة ووحشة الجلاء، مع أن هبة ولده إياه من محض الجود الإلهي على سبيل خرق العادة؛ إذ هو كبير السن وامرأته عاقر { وَ } أيضاً من كمال لطفنا معه { جَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ } مستمرةً إلى الجزاء { وَٱلْكِتَابَ } أي: آتينا الكتاب لبعضٍ منهم؛ يعني: رسلهم، وإنما فعلنا معه كذلك؛ لئلا تنقطع سلسلة كرامتنا عنه، بل تستمر إلى انقراض العالم { وَ } بالجملة: بعدما هاجر إلينا الخليل بالكلية، وانخلع عن لوازم ناسوته بالمرة { آتَيْنَاهُ أَجْرَهُ } أي: أجر هجرته { فِي ٱلدُّنْيَا } على وجه لا ينقطع صيته عن الآفاق أبداً { وَإِنَّهُ فِي ٱلآخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [العنكبوت: 27] لقبولنا، المقبولين في ساحة عز حضورنا.

{ وَ } أرسلنا أيضاً { لُوطاً } إلى قوم انحرفوا عن جادة الاستقامة، وضلوا عن سواء السبيل، اذكر يا أكمل الرسل { إِذْ قَالَ } لوط { لِقَوْمِهِ } بوحي الله إياه وإلهامه: { إِنَّكُمْ } أيها المفسدون المسرفون { لَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ } أي الفعلة التي { مَا سَبَقَكُمْ بِهَا } بغاية قبحها وهجنتها ونهاية شنعتها { مِنْ أَحَدٍ } أي: أحد { مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [العنكبوت: 28] من بني نوعكم، بل أنتم ابتدعتموها واخترعتموها من خباثة نفوسكم وشؤم شهوتكم.

ثم وبخهم وقرعهم بهُجنة أفعالهم وأعمالهم فقال: { أَئِنَّكُمْ } أيها المفرطون في متابعة القوة الشهوية { لَتَأْتُونَ } وتطئون { ٱلرِّجَالَ } من أدبارهم وهم أمثالكم { وَتَقْطَعُونَ ٱلسَّبِيلَ } أي: سبيل التناسل والتوالد، وتبطلون الحكمة البالغة الإلهية المتعلقة بإبقاء النوع { وَ } مع ذلك { تَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ } أي: مجالسكم ومحافلكم { ٱلْمُنْكَرَ } أي: الفعلة الذميمة، أي: تأتون بها على رءوس الملأ بلا مبالاة واستحياء وإخفاء، بل يتباهون بإظهارها، مع أن إعلان المنكرات من أعظم الجرائم وأقبح الفواحش عند الله وعند المؤمنين، سيما هذا المنكر المستبدع المستقذر { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } بعدما سمعوا منه التشنيع والتقبيح على أبلغ وجه وآكده { إِلاَّ أَن قَالُواْ } متهكمين له، مصرين على ما هم عليه من الفعلة الذميمة الشنيعة: { ٱئْتِنَا } يا لوط { بِعَذَابِ ٱللَّهِ } الذي ادعيت نزوله علينا بسبب فعلنا هذا { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [العنكبوت: 29] في دعوك، فنحن لم نمتنع بهذياناتك عن فعلتنا هذا قط، ولم نقبل منك نصيحتك أصلاً.

وبعدما أيس من صلاحهم وإصالحهم { قَالَ } مشتكياً، ملتجئاً نحوه، مستنصراً منه: { رَبِّ } يا من رباني على صفة الصلاح والنظافة { ٱنصُرْنِي } بحولك وقوتك بإنزال العذاب { عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْمُفْسِدِينَ } [العنكبوت: 30] المسرفين المفرطين في الإفساد، الخارجين على مقتضى حدودك.