الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

وبعدما بلغ الخليل - صلوات الرحمن وسلام عليه - في الدعوة والإرشاد، وأيده بأنواع المواعظ والتذكيرات والرموز و الإشارات، ونبذ من الوعيدات والإنذارات رجاء أن يتنبهوا منها ويتفطنوا به اعلى ما هو الحق { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } بعد استماعهم مقالاه تفصيلاً { إِلاَّ أَن قَالُواْ } متفقين مجتمعين: { ٱقْتُلُوهُ } حداً، فإنه قد أعرض عن دينكم وانصرف عن آلهتكم وشفعاءكم { أَوْ حَرِّقُوهُ } فإنه جدير بالإحراق؛ لعظم جرمه وكبر ذنبه، وبعدما اتفقوا على حرقه أو قدوا ناراً عظيمة بحيث لا يمكن التقرب إليها إلا بمسافة بعيدة، فوضعوه في المنجنيق، فرموه بها إليها { فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ } الرقيب المطلع على إخلاص عباده وأخلصه { مِنَ } حرق { ٱلنَّارِ } وجعلها له برداً وسلاماً { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } الإنجاء والإنقاذ مع أن طبع النار الإحراق والإفناء { لآيَاتٍ } عظام ودلائل جسام على كمال قدرة الله وحوله وقوته { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [العنكبوت: 24] بوحدة ذاته وكمال أسمائه وصفاته؛ لأ،هم هم المنتفعون بأمثال هذه الشواهد والبراهين.

وبعدما أنجاه الله منها { وَ } أيس من إيمان قومه { قَالَ } لهم موبخاً عليهم وموعداً لهم بوحي الله وإلهامه: { إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ } وأخذتم { مِّن دُونِ ٱللَّهِ } المتوحد بالألوهية والربوبية { أَوْثَاناً } آلهة: لتكونوا أسباباً لكم توجب { مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ } وتوقع المحبة والمؤاخاة بين أظهركم { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بأن تجتمعوا عندها وتعتكفوا حولها، وتتقربوا إليها بالهدايا والقرابين { ثُمَّ } اعلموا أيها الضالون المنهمكون في بحر الغفلة والضلال والجهل بالله وبقدره وقدر حوله وقوته { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } المعدة للعرض والجزاء وحساب ماصدر عنكم في دار الابتلاء { يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } يعني: يقع التناكر والتخاصم بينكم، فيكفر بعضكم ببعض { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } أي: كل منكم ومن معبودكم يتلاعنون ويتخاصمون حال كونكم متبرئين كل منكم عن صحابه تابعاً ومتبوعاً، عابداً ومعبوداً { وَ } بالجملة: { مَأْوَاكُمُ } ومرجعكم إليها أنتم وآلهتكم جميعاً، خالدون فيها لا نجاة لكم منها بأعمالكم وأفعالكم { ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [العنكبوت: 25] ليشفعوا لكم وينقذوكم منها بشفاعتهم.

وبعدما أنجى سبحانه خليله - صلوات الرحمن عليه وسلامه - من النار، وخرج منها سالماً سوياً بلا لحوق ضرر { فَآمَنَ لَهُ } ابن أخيه { لُوطٌ } وهو أول من آمن به وأنكره غيره، ونسبوه إلى السحر والشعبذة وأنواع الخرافات { وَ } لما أيس الخليل عن إيمانهم { قَالَ } للوط وزوجته سارة ابنة عمه: { إِنِّي } بعدما أيست عن إيمان هؤلاء الجهلة الضالين، ونجوت عن مكائدهم { مُهَاجِرٌ } مبعد منهم { إِلَىٰ } أرضٍ أمرني { رَبِّيۤ } للهجرة إليها، وأوحاني أن أذهب نحوها، فعليَّ أن امتثل لأمره وأمضي على موجب حكمه { إِنَّهُ } سبحانه في ذاته وأسمائه وأفعاله { هُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب القادر على جميع ما جرى عليه مشيئته وقضاءه { ٱلْحَكِيمُ } [العنكبوت: 26] المتقن في جميع ما صدر عنه إرادة واختياراً.