الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } * { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ } إلى كمال قدرته ومتانة حكمه وحكمته { كَيْفَ يُبْدِئُ } أي: يظهر ويبدع { ٱللَّهُ } القادر المقتدر { ٱلْخَلْقَ } أي: جميع المخلوقات والموجودات من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة { ثُمَّ يُعِيدُهُ } ويعدمه كما برأه وأظهره على مقتضى النشأتين نزولاً وعروجاً، هبوطاً وصعوداً، ظهوراً وبطوناً، مداً وقبضاً، نشراً وطياً، لطفاً وقهراً، جمالاً وجلالاً { إِنَّ ذٰلِكَ } التبديل والتحويل { عَلَى ٱللَّهِ } المتجلي في الأكوان في كل آن في شأن { يَسِيرٌ } [العنكبوت: 19] إذ لا يعرضه العسر والفتور، ولا يلحقه العجز والقصور ولا يبرمه مر الدهور وكر الشهور.

وإن أنكروا لك ولم يقبلوا منك تنويرك الذي جئت به { قُلْ } لهم يا أكمل الحلم والخلة: { سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } سير معتبر خبير { فَٱنظُرُواْ } بنظر الاعتبار والاستبصار { كَيْفَ بَدَأَ } وأظهر { ٱلْخَلْقَ } في أقطار الآفاق ونشرهم فيها وبسطهم عليها بامتداد أظلال أسمائه وصفاته { ثُمَّ ٱللَّهُ } القادر المقتدر على كل ما أراد وشاء بالاختيار والاستقلال { يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ } المقابلة لنشأة الظهور والإبداع، وهي نشأة الكمون والإخفاء والفناء والإفناء، بأن قبض سبحانه بمقتضى قهره وجلاله جميع ما امتد من أضلال، وطوى نحوه ما نشر من آثار الأوصاف والأسماء { إِنَّ ٱللَّهَ } المتردي برداء العظمة والكبرياء { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من مقدرواته ومراداته { قَدِيرٌ } [العنكبوت: 20] لا تنتهي قدرته عند مقدورٍ، بل له أن يتصرف فيه كيف شاء ومتى أراد أزلاً وأبداً.

ومن كمال قدرته ومقتضى حكمته ومشيئته: { يُعَذِّبُ } من عباده { مَن يَشَآءُ } لا ملجأ لهم دونه ولا مرجع لهم سواه؛ إذ { وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ } برحمته الواسعة أيضاً كذلك على مقتضى لطفه وجماله { وَ } لا ملجأ لهم دونه ولا مرجع لهم؛ إذ { إِلَيْهِ } لا إلى غيره؛ إذ لا غير في الوجود معه { تُقْلَبُونَ } [العنكبوت: 21] انقلاب الزبد هواء والأمواج ماء.

{ وَ } إذا ثبت أن منقلبكم إليه ومرجعكم نحوه، فعليكم الإطاعة والإيمان بالله وبوحدانيته طوعاً بلا تذبذب وتلعثم؛ إذ { مَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } على إدراككم وأخذكم { فِي ٱلأَرْضِ } لو تحصنتم فيها { وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } لو تدليتهم إليها؛ إذ الكل في قبضته وقدرته وتحت تصرفه، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء { وَ } بالجملة: { مَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ } المعيد المبدئ، المحيي المميت { مِن وَلِيٍّ } يولي أموركم بالاستقلال ويتصرف فيكم بالإرادة والاختيار { وَلاَ نَصِيرٍ } [العنكبوت: 22] ينصركم على أعدائكم ويدفع ضررهم عنكم.

ثم قال سبحانه؛ حثاً لهم إلى الإيمان وترغيباً لهم إلى التوحيد والعرفان: { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } الدالة على عظمة ذاته وكما أسمائه وصفاته { وَلِقَآئِهِ } أي: أنكروا بلقائه الموعود لأرباب الكشف والشهود { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء المطرودون عن ساحة عز القبول هم الذين { يَئِسُواْ } وقنطوا { مِن رَّحْمَتِي } مع سعتها ووفورها { وَأُوْلَـٰئِكَ } المردودون في تيه الغفلة والضلال { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [العنكبوت: 23] في النشأة الأولى والأخرى، لا يرجرى نجاتهم وخلاصهم أصلاً.