الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } * { وَأَصْبَحَ ٱلَّذِينَ تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بِٱلأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلاۤ أَن مَّنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْكَافِرُونَ } * { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

وبعدما أمهلناه زماناً، ورفهناه نشطاً فرحاناً، أخذناه غضباناً { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } قلقاً حيراناً؛ يعني: طبقنا الأرض عليه وعلى أمواله وخزائنه بعدما أخذتها وابتلعتها امتثالاً لأمر موسى الكليم - صلوات الله عليه وسلامه - وذلك أنه كان يؤذي موسى دائماً حسداً عليه، وكان موسى يداريه صيانةً لقرابته.

ثمَّ لمَّا نزلت الزكاة صالح معه من كل ألفٍ بواحدة من أي جنس كان فحاسبه، فبلغ مبلغاً عظيماً فاستكثره فمنعه، فعمد إلى أن يفضح موسى بين بين إسرائيل بغياً عليه وعدواناً فبرطل بغيِّة، وأعطى لها رشوة؛ لترمي موسى بنفسها.

فلمَّا كان يوم عبدٍ قام موسى خطيباً، فقال في خطبته: من سرق قطعناه، ومن زنى غير محصن جلدناه، ومن زنى محصناً رجمناه، فقال قارون: ولو أنت يا موسى، قال: ولو كنت أنا؟! قال: إن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت مع فلانة، قال موسى: فأحضروها فأُحصرت، فناشدها موسى بالله الذي فلق البحر، وأنزل التوراة أن تصدق، فقالت بإلقاء الله في قلبها كرامةً لموسى، وتنزيهاً له عمَّا لا يليق بشأنه، وتفيضحاً لقارون: جعل لي قارون جعلاً كذا؛ على أمن أرميك بنفسي، فخر موسى ساجداً، فقال في سجدته: إليه إن كنت نبيك ورسولك فانصرني واخذل عدوي، فأوحى الله في سجدته: أن مُر الأرض أي شيء شئت، فتجيبك يا موسى.

فرفع رأسه من سجدته مرتعداً غيوراً غضباناً، فقال يا أرض خذيه فابتلعته على الفور إلى ركبته، فأخذ يتضرع: يا موسى ارحمني! فأنا قرابتك، ثمَّ قال موسى مغاضباً على الأرض: خذيه! فأذخته إلى وسطه، فازداد في تضرعه وتفزعه، ثمَّ قال: خذيه! فأخذته إلى عنقه، فتضرع وصرخ نحو موسى من أول أخذه إلى خسفه سبعين مرة لم يرحم عليه، ثمَّ قال: خذيه! فخسفت به وطبقت عليه، فلم يرحمه حتى عاتبه سبحانه: ما أفظّك يا موسى! حتى استرحمك سبعين مرة فلم ترعه، فوعزتي وجلالي: لو دعاني مرة لأجبته.

وبعدما خُسف قارون قال بنو إسرائيل: إنما قلته ليرث أمواله، فأشعر بهم موسى فأمر الأرض بخسف داره وأمواله وخزائنه إلى حيث لم يبق من منسوباته شيء على وجه الأرض { فَمَا كَانَ لَهُ } حينئذٍ { مِن فِئَةٍ } أعوانٍ وأنصارٍ { يَنصُرُونَهُ } ويدفعون عذاب الله عنه { مِن دُونِ ٱللَّهِ } القادر المقتدر على دفع أمثاله، وهو بريء من الله { وَ } هو غير ملتجئ إليه ومتضرع نحوه؛ ولذلك { مَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } [القصص: 81] الممتنعين من العذاب لا بنفسه ولا بمعاونيه وأنصاره.

وبعدما خُسف قارون بشؤم أمواله التي جعلها وسيلة إلى أنواع الفسادات، من جملتها: رمي كليم الله وخُلَّص رسله بالزنا التي هي بمراحل عن طهارة ذيله ونجابة طينته؛ إذ الأنبياء كلهم معصومون عن الكبائر مطلقاً.

السابقالتالي
2