الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } * { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

ثمَّ قال سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع: { وَلَوْلاۤ } كراهة { أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ } عظيمة جالبة لنزول أنواع العذاب والنكال { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي: بشؤم ما اقترفوا من المعاصي { فَيَقُولُواْ } حنيئذٍ مجتمعين علينا، مجالدين بنا بعدما أخذناهم عليها: { رَبَّنَا لَوْلاۤ } وهلاَّ { أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } من عندك، مؤيَّداً من لدنك بالآيات البينات { فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ } البالغة إلينا برسالته ونصدقها، ونعمل بمقتضاها { وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [القصص: 47] الموقنين بوحدانيتك، المخلصن من عذابك.

{ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ } أي: الرسول المرسل { مِنْ عِندِنَا } ملتبساً بالحق المؤيَّد بالآيات الساطعة القاطعة { قَالُواْ } من خبث طينتهم، وشدة شكيمتهم وضغينتهم: { لَوْلاۤ أُوتِيَ } وهلاَّ أوتي بهذا الرسول المرسل إلينا من الدلائل والمعجزات { مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ } حتى نصدقه ونؤمن به؛ وما هذا إلا من غاية غيهم وضلالهم، وغلظ حجبهم وغشاوتهم، وإلاَّ لو أتوي له مثل ما أوتي موسى لكفروا ألبتة { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ }.

حيث { قَالُواْ } بعدما شاهدوا دلائله ومعجزاته مبالغين في رده وإنكاره: { سِحْرَانِ } أو سحران على القراءتين { تَظَاهَرَا } يعني: موسى وهارون، مع أن ما أتيا به بعيد بمراحل عن السحر، وأنتم أيضاً من بقية ما كفروا بدلائل موسى، ونسبوها إلى السحر، ولو آتينا محمداً صلى الله عليه وسلم مثل ما آتينا موسى لكفرتم به ألبتة، كما كفر أسلافكم بآيات موسى ومعجزاته، مع أن دلائل محمد أقوى من دلائل موسى، وكتابه أجمع من كتابه وأتم نظماً، وأكمل معرفة وأعم حكماً وأشمل فائدة، وبعدما سمعوا ما دل على خباثة فطرتهم { وَقَالُواْ } مظهرين ما في نفوسهم من الشرك والنفاق: { إِنَّا بِكُلٍّ } مما يدعي الرسالة والنبوة، والإرشاد والهداية { كَافِرُونَ } [القصص: 48] منكرون له، لا نقبل عن أبناء جنسنا مثل هذه المفتريات التي أختلقوها من تلقاء أنفسهم، ونسبوها ترويجاً لها إلى ما لا وجود له في الواقع، وسموه إلهاً واحداً أحداً صمداً، فرداً وتراً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً.

{ قُلْ } يا أكمل الرسل على سبيل التعجيز والتوبيخ بعدما عاينت منهم الكفر على أبلغ وجه وآكده: { فَأْتُواْ } أيها المفسدون المسرفون { بِكِتَابٍ } نازلٍ { مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } المنزل للكتب؛ لإرشاد عباده { هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ } أي: من التوراة والقرآن { أَتَّبِعْهُ } أي: الكتاب وما فيه من الأحكام، وأمتثل لأوامره، وأجتنب عما نهي فيه { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [القصص: 49] في نسبتنا إلى السحر.

{ فَإِن } عجزوا عن الإتيان، و { لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ } ما طلبت منهم { فَٱعْلَمْ } يا أكمل الرسل { أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ } أي: إنهمه إنما يتبعون أهواءهم الفاسدة، وآراءهم الباطلة بلا متابعةٍ منهم إلى ملةٍ من الملل السالفة، وإلى دين الأديان السابقة { وَمَنْ أَضَلُّ } طريقاً، وأشد غياً، وأسوأ حالاً ومآلاً { مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ } حال كونه { بِغَيْرِ هُدًى } أي: بتوفيقٍ وإرشادٍ { مِّنَ ٱللَّهِ } الميسر لأمور عباده ، وكيف يوفقهم الحق ويهديهم؟ { إِنَّ ٱللَّهَ } الحكيم المتقن في أفعاله { لاَ يَهْدِي } إلى الطريق المستبين { ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [القصص: 50] الخارجين عن مقتضى أوامره ونواهيه؛ إذ هم منهمكون في بحر الغفلة والضلالة لا يُرجى نجاتهم منها.