الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ٱلأَيْمَنِ فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يٰمُوسَىٰ إِنِّيۤ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ }

{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ } أي: أقصى الأجلين، ومكث عنده عشراً أخر بعدما تزوج ابنته؛ للاسترشاد والاستكمال، وبعدما كمل بصحبة المرشد الكامل المكمل أراد أن يرجع إلى قومه فخرج من عنده { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } نحو مصر، وهي حاملة فجاءها الطلق في ليلة شاتية مظلمة، وهم على جناح السفر ضالين عن الطريق { آنَسَ } أي: أبصر موسى { مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ } أي: من الجهة التي تجاه الطور { نَاراً } ففرح من رؤيتها { قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ } ساعة { إِنِّيۤ آنَسْتُ } وأبصرت { نَاراً } ومن هذا يُعلم أن أهله لم يروها، أذهب إليها { لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ } من الطريق أستخبر من عندنا { أَوْ جَذْوَةٍ } أي: عود غليظ معي شيء { مِّنَ ٱلنَّارِ } إن لم أجد عندها أحداً { لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } [القصص: 29] تستدفئون من البرد، فمكثوا.

فبادر إليها سريعاً { فَلَمَّآ أَتَاهَا } وقرب إليها { نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي } أي: شفيره وجانبه { ٱلأَيْمَنِ } باليمن، والكرامة الواقعة { فِي ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ } التي كثر الخير والبركة فيها { مِنَ ٱلشَّجَرَةِ } أي: نُودي من الشجرة التي تعقد النار عليها نداءً عجيباً معرباً عن اسمه، مصرحاً به: { أَن يٰمُوسَىٰ } المتحير في بيداء الطلب، القلق الحائر في فيافي التعب { إِنِّيۤ } مع كمال إطلاقي وإن ظهرت على صورة نار، وتقيدت بها متنزهاً عن كمال تنزهي عن عموم الصور والتعينات { أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [القصص: 30] الجامع لجميع الأسماء والصفات، المتجلي لجميع الصور والشئون، وعموم الهياكل والتماثيل، المتعالي عن الحلول في شيء والاتحاد به والمعية معه مطلقاً، فاطلبني تجد جميع حوائجك عندي؛ لأني رب العالمين، أي: مربٍ الكل ومدبره بعدما أظهرت الأشياء وأوجدتها من كتم العدم.

وبعدما سمع موسى ما سمع استوحش من هذا النداء، وارتعد من هيبة هذا الصدى؛ لأنه في ابتداء انكشافه وشهوده أنس معه ربه؛ إزالةً لرعبه ووحشتها، فقال مخاطباً له، آمراً: { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } التي في يدك؛ حتى ترى عجائب وغرائب حكمتنا وليزول استبعداك من ظهورنا على صورة الناس فألقاها، فإذا هي حية تسعى { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ } وتتحرك على وجه السرعة { كَأَنَّهَا جَآنٌّ } أي: حية صغيرة سريعة السير { وَلَّىٰ } موسى، وانصرف عنها { مُدْبِراً } بعدما أدبر مرعوباً مرهوباً { وَلَمْ يُعَقِّبْ } أي: لم يرجع ولم يلتفت إلى أخذها خائفاً مها هائباً، قلنا له منادياً؛ إزالةً لرعبة: { يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ } إلى عصاك وخذها { وَلاَ تَخَفْ } منها { إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ } [القصص: 31] عن ضرر ما ظهرت عليك من الصورة الحادثة المهبية، فإنَّا سنعيدها سيرتها الأولى.