الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } * { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ وَ } بعدما سكنت من البوح والنوح والإظهار { قَالَتْ لأُخْتِهِ } أي: مريم أخت موسى: { قُصِّيهِ } أي: اتبعي أثره وتتبعي أمره؛ كي تدرك إلى ما فعلوا معه فذهبت بأمرها { فَبَصُرَتْ بِهِ } أي: موسى { عَن جُنُبٍ } بعد { وَ } أخفت حالها عنهم إلى حيث { هُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [القصص: 11] بقرابتها إياه، وهم بعدما اتفقوا على حفظه، وتركوا قتله أرادوا أن يرضعوه فطلبوا المرضة؛ لحضانته ورضاعته.

{ وَ } قد كنا من متانة حكمنا وحكمتنا { حَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ } أي: قبل إلقائه أمه في البحر، وحين عهدنا مع أمه برده إياها بقولنا:إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ } [القصص: 7] فأحضروا مراضع كثيرة فأبى موسى عن مصهن، فتحيروا في أمره { فَقَالَتْ } مريم بعدما انتهزت فرصة: { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ } إن ابتغيتم المرضعة { وَهُمْ } أي: أهل ذلك البيت { لَهُ نَاصِحُونَ } [القصص: 12] إلى أن كبر، بحيث لا يغفل من تربيته وحفظه.

فلما سمع هامان منها ما سمع قال: إنها قد عرفت أهله ومنشأه، خذوها حتى تخبر ما حاله؟ قالت مريم: إنما أردت، وهم للملك ناصحون فأمرها فرعون بإتيانها، فأتت بأمها وموسى على يدي فرعون يبيكي ويصيح، فلما شم ريح أمه استأنس، والتقم ثديها ومص بلا إباءٍ، فقال لها فرعون: من أنت منه فقد أبى كل ثدي إلا ثديك؟ فقالت: إني امرأة طيبة الريح واللبن، لا أوتي بصبي إلا قبلني، فدفعه إليها وعيَّن أجرة حضانتها ورضاعتها، فذهب به إلى بيتها من يومه.

كما قال سبحانه: { فَرَدَدْنَاهُ } في يوم إلقائه في البحر { إِلَىٰ أُمِّهِ } إيفاءً لوعدنا إياها { كَيْ تَقَرَّ } وتنور { عَيْنُهَا } بولدها { وَ } بعدما رددناه إليها ألهمنا لها أن { لاَ تَحْزَنَ } بعد اليوم، وتثق بوعدنا إياك { وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } القادر على إيفاء العهدو { حَقٌّ } ثابت مطابق للواقع، فكما أوفى سبحانه وعد رده إليك يوفي وعد رسالته ونبوته أيضاً بلا خلف منه، فعليك أن تثقي بالله وتفوضي أمره إليه، فإنه سبحانه يكفي مؤونة شرور أعدائه ويوصل إلى منتهى ما جبله لأجله؛ إذ هو قادر غالب على كل ما أراد وشاء { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } أي: أكثر الناس { لاَ يَعْلَمُونَ } [القصص: 13] كمال قدرته وحكمته.