الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ } * { وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } * { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وَ } بالجملة: { مَآ أَنتَ } أيها المرسل للهداية، والمبعوث للإرشاد والتكميل { بِهَادِي ٱلْعُمْيِ } الفاقدين لآلات الهداية وأسبابها { عَن ضَلالَتِهِمْ } المركوزة في جبلتهم الراسخة في طباعهم { إِن تُسْمِعُ } أي: ما تسمع أنت هدايتك وإرشادك أيها الهادي بوحينا وتوفيقنا { إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } الدالة على كمال وحدة ذاتنا، وقدرتنا وعلمنا وإرادتنا ويصدق بجميع ما جئت به من عندنا { فَهُم مُّسْلِمُونَ } [النمل: 81] منقادون لأوامرنا وأحكامنا، مجتنبون عن نواهينا ومحظوراتنا، فهم من شدة شقاوتهم وغلظ غشاوتهم لا يؤمنون بك ولا يسلمون، فكيف يتأتى لك إسماعهم وإراشدهم؟!.

{ وَ } اصبر يا أكمل الرسل { إِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ } الموعود { عَلَيْهِم } ولاح أمارات الساعة وظهر علامات القيامة، ودنا وقت قيامها { أَخْرَجْنَا لَهُمْ } قبيل قيام الساعة { دَآبَّةً } عظيمة { مِّنَ ٱلأَرْضِ } لتكون أمارة على قيامها، دالة على كمال قدرتنا على إحياء الأموات من العظام الرفات، طولها سبعون ذراعاً، ولها قوائم وزغب؛ أي: شعرات صفر كريش الفرخ، وريش وجناحان، يقال لها: الجساسة، لا يفوتها هارب ولا يدركها طالب.

سُئل عليه السلام عن مخرجها فقال: " من أعظم المساجد حرمة على الله تعالى " يعني: المسجد الحرام.

فإذا خرجت عليهم { تُكَلِّمُهُمْ } وتخاطب معهم بسوء فعالهم وحسن خصالهم فتفرق المؤمن من الكافر، وحينئذٍ ظهر { أَنَّ ٱلنَّاسَ } المنهمكين في بحر الغفلة والنيسان لأي شيء { كَانُوا بِآيَاتِنَا } الواصلة إليهم من ألسنة رسلنا { لاَ يُوقِنُونَ } [النمل: 82] ولا يذعنون، بل ينكرون ويكذبون عناداً أو مكابرةً.

{ وَيَوْمَ } اذكر يا أكمل الرسل { نَحْشُرُ } ونسوق عند قيام الساعة { مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً } فرقة وجماعة هي صناديدهم ورؤساؤهم { مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا } التي جاء بها رسلنا؛ لإهدائهم وإرشادهم { فَهُمْ } في حين حشرهم وسوقهم { يُوزَعُونَ } [النمل: 83] أي: يحبس أولهم لآخرهم؛ حتى يتلاقوا ويزدحموا، ويساقون أولئك المجرمون هكذا.

{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو } المحشر وحضروا الموعد، وعُرضوا على الله صافين صاغرين { قَالَ } قائل من قبل سرادقات العظمة والجلال معيداً عليهم: { أَكَذَّبْتُم } أنتم أيها المسرفون { بِآيَاتِي } في بادي الرأي بلا تأمل وتدبر فيها { وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً } أي: لم تطرحوا نظركم وعقولكم عن فحض معانيها وفحاويها؛ حتى ظهر عندكم ولاح عليكم هل هي جديرة بالرد والإنكار؟ أم حقيق بالقبول والاعتبار؟ فبادرتم إلى تكذيبها بلا إمعانٍ فيها { أَمَّا ذَا } أي: أم أي شيء شنيع { } كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النمل: 84] أيها الجاهلون المسرفون؟!.

وبعدما جرى من أنواع التوبيخ ما جرى سكتوا حائرين، خائبين منكوسين { وَ } حينئذٍ { وَقَعَ ٱلْقَوْلُ } المعهود منا، وتحقق الوعد، وحل العذاب الموعود { عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ } أي: بسبب ظلمهم السابق { فَهُمْ } حينئذٍ { لاَ يَنطِقُونَ } [النمل: 85] ولا يعتذرون، ولا يتضرعون، يكبهم على النار منكوسين؛ بحيث لا يسع لهم التنطق والتضرع أصلاً.

{ أَلَمْ يَرَوْاْ } ولم ينظروا أولئك الحمقى بنظر العبرة إلى مصنوعاتنا المتبدلة المتغيرة بقدرتنا واختيارنا؛ ليتحقق عندهم أمر الساعة، ولم يبادروا إلى إنكارها؛ حتى لا يلحقهم ما لحقهم { أَنَّا } من كمال قدرتنا، ووفور حولنا وقوتنا كيف { جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ } مظلماً { لِيَسْكُنُواْ فِيهِ } بلا دغدغة منهم إلى الحركة والاشتغال { وَ } كيف جعلنا { ٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } مضيئاً تتحركون وتترددون فيه يشغل معاشكم { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الإظلام والإضاءة على التعاقب والتوالي { لآيَاتٍ } دلائل قاطعات، وشواهد ساطعات على قدرة القديم القادر المقتدر على أمثال هذه المقدورات المتقنة، والمصنوعات المحكمة الصادرة عن محض الحكمة { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النمل: 86] ويذعنون بوحدة ذات الله وكمال أوصافه وأسمائه.