الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ } * { لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ } * { وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }

{ وَ } من شدة إنكارهم وتكذيبهم { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } بالله وبجميع ما وعد سبحانه في يوم العرض والجزاء، على سبيل الاستبعاد والاستنكار مستفهمين مستهزئين: { أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ } أيضاً كذلك { أَإِنَّا } وهم { لَمُخْرَجُونَ } [النمل: 76] من قبورنا أحياة على الوجه الذي كنا عليه في مدة حياتنا قبل طريان الموت علينا، كلا وحاشا؛ إذ هو من جملة الأمور المستحيلة التي تأبى العقول عن قبولها.

ولا منشأ له سوى أنَّا { لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا } أي: البعث والحشر { نَحْنُ } اليوم على هذا المدعي للرسالة والنبوة { وَ } وعد { آبَآؤُنَا } أيضاً { مِن قَبْلُ } على ألسنة المدعين الآخرين الذين مضوا، وكان أسلافهم أيضاً كذلك على ألسنة أسلاف آخرين مدعين وهكذا، وبالجملة: { إِنْ هَـٰذَآ } أي: ما هذا الوعد بالبعث والجزاء { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [النمل: 68] أي: أكاذيبهم الموروثة لأخلافهم اللاحقين المتأخرين عنهم، وبالجملة: ها ديدنة قديمة، وعادة مستمرة بقيت بين الأنام من قديم الأيام؛ لتخويف العوام بلا وقوع ولا إمكان وقوع أيضاً.

ثمَّ لمَّا بالغ أولئك الهالكون في تيه الضلال في تكذيب يوم الجزاء، وأصروا على ما هم عليه من الكفر والإنكار من متابعة الأهواء والآراء { قُلْ } يا أكمل الرسل كلاماً خالياً عن وصمة المجادلة والمراء، وما درأ عن محض العبرة والحكمة والاستبصار آمراً لهم على سبيل الاعتبار: { سِيرُواْ } أيها المنكرون المكابرون ليوم العرض والجزاء { فِي ٱلأَرْضِ } التي هي محل العبرة ونزول الاستبصار { فَٱنظُرُواْ } معتبرين متأملين { كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ } [النمل: 69] المكذبين كمال قدرة الله القادر المقتدر على كل ما أراد وشاء بلا فتور ولا قصور.

ولا ينتهي قدرته دون مراد ومقدور، بل له إعادته كما له إبراؤه من جمع أجزائه ولوازمه وعوارضه من الزمان والمكان، والحركات والسكنات، وجميع الأطوار والأحوال الطارئة عليها من مبدأ حدوثها إلى منتهى حياتها؛ إذ جميع ما جرى عليه وصدر عنه حاضر عنده سبحانه، غير مغيب عنه بلا انقضاء في حضرة علمه، وإمضاء من لوح قضائه؛ إذ عنده سبحانه لا زمان ولا مكان؛ حتى يتصور الانقراض والانقضاء، واستبعاد هذه المسألة إنما يجيء من العقول السخيفة، والأحلام الضعيفة المحبوسة؛ لمضيق الزمان والمكان المتحصنة بحصون الجهات والأبعاد المقيدة بسلاسل الأيام وأغلال الليالي.

ومن انكشف له بصر بصيرته، وارتفع عنه سبل السدل وحول التحويل، ومدد التغير والتبديل، واكتحل عن عبرته بكحل الكشف والشهود، اضمحل دونه الزمان والاستمرار ولم يبقَ في عين عبرته وشهوده سوى الله الواحد القهار لجميع الأغيار، فسمع عنه وأبصر به وأظهر عليه، وفني فيه وبقي لديه ورجع إليه، وبدأ منه وعاد عليه قائلاً لسان حاله ومقاله:إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } [البقرة: 156]،رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ }

السابقالتالي
2