الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } * { أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

ثمَّ قرع عليه سبحانه من التقريعات والتوبيخات ما قرع تتمياً لردعهم، وتكميلاً لزجرهم فقالأ: { أَمَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي: عالم الأسباب العادية { وَٱلأَرْضَ } أي: عالم الطبيعة القابلة لقبول فيضان آثار الفواعل العلوية { وَ } من { أَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ مَآءً } محيياً أموات الأراضي اليابسة بالطبع { فَأَنبَتْنَا بِهِ } أي: بالماء بعدما أنزلناه من جانب السماء { حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ } وبهاء ونضارة وصفاء { مَّا كَانَ } أي: ما صح وأمكن { لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا } بل ولا شجرة واحدة من جملة أشجارها، لولا إمداد الله وإنباته إياها { أَإِلَـٰهٌ } أي: تدعون وتدَّعون إلهاً آخر { مَّعَ ٱللَّهِ } المدبر لمصالحكم بالاستقلال والإرادة والاختيار { بَلْ هُمْ } أي: المتخذون غير الله إلهاً { قَوْمٌ يَعْدِلُونَ } [النمل: 60] عن الحق الصريح الذي هو التوحيد إلى الباطل الذي هو الشرك في ألوهيته، وإثبات الغير معه في الوجود، وادعاء استحقاق العبادة إياه عناداً ومكابرةً.

{ أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } أي: مقراً تستقرون عليها وتعيشون فيها، مع ان طبع الماء يقتضي الإحاطة بجميع جوانبها؛ بحيث لا يبدوا من كرة الأرض شيئاً خرجاً منه { وَ } بعد إبداء بعضها من الماء عنايةً من سبحانه إياكم { جَعَلَ خِلاَلَهَآ } أي: أوساط الأرض البادية { أَنْهَاراً } جارية؛ تتميماً لأمور معاشكم عليها { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ } أي: الأرض رواسي؛ أي: جبالاً شامخات، وسير فيها معادن الفلزات، ومنابع المياة ومراتع الحيوانات تتميماً وتكميلاً لمصالحكم ومعايشكم.

{ وَجَعَلَ } من كمال لطفه ومرحمته { بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } العذب والمالح { حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ } مانعاً؛ لئلا يختلط ويختل نظام معاشكم عليها؛ أي: أتدعون أيها الجاهلون { مَّعَ ٱلله } المتوحد المتفرد في ذاته، المستقل في تصرفاته الواقعة في مملكته؟! { بَلْ أَكْثَرُهُمْ } لانهماكهم في الغفلة والجهل عن الله وحق قدره وقدر ألوهيته { لاَ يَعْلَمُونَ } [النمل: 61] شيئاً من آداب عبوديته؛ لذلك ينسبون إليه سبحانه ما لا يليق بشأنه جهلاً ومكابرةً.

{ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ } القلق الحائر في أمره بلا رشد منه إلى مخرجه ومخلصه { إِذَا دَعَاهُ } دعوة مؤمل ضريع سواه سبحانه { وَ } من { يَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ } المتفاقم على ذوي الأحزان والملمات { وَ } من { يَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ } من الأسلاق الذين مضوا عليها { أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد تدعوان أيها الجاهلون المسرفون المكابرون، ومن نهاية جهلكم وغفلتكم عن ألوهية الحق، وغاية غيكم وضلالكم عن توحيده { قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [النمل: 62] أي: قليلاً منكم تتذكرون آلاء الله ونعمائه المتواطئة المترادفة عليكم.

{ أَمَّن يَهْدِيكُمْ } ويرشدكم أيها الحمقى { فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } بالنجوم الزاهرات { وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ } المبشرات لتكون { بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي: بشارة بالمطر المحيي لأموات الأرضي بأنواع النباتات، والحيوانات المبقية لأصناف المخلوقات { أَإِلَـٰهٌ } قادر على أمثال هذه الأفعال المتقنة والآثار المحكمة { مَّعَ ٱللَّهِ } المستقل بالقدرة الكاملة والحكمة الباهرة، والرحمة العامة الشاملة تدعون وتعبدون { تَعَالَى ٱللَّهُ } المنزه في ذاته عن مشابهته للأمثال، ومشاركته مع غيره في الآثار والأفعال، سيما { عَمَّا يُشْرِكُونَ } [النمل: 63] له أولئك المشركون المسرفون.