الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوۤاْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

{ وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ } أي: تسعة رجال اتفقوا إلى حيث صاروا رهطاً واحداً متفقين على قهره وقتله، والرهط جمع لا واحد له، يُطلق على ما دون العشرة، وكان شأنهم مقصوراً على الإفساد والفساد { يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } بأنواع الفسادات { وَلاَ يُصْلِحُونَ } [النمل: 48] أصلاً في حال من الأحوال.

وبعدما ظهر عليهم أمارات العذاب الإلهي، وتحقق عندهم نزوله قصدوا إهلاك صالح ومن معه قبل إهلاكهم، حيث { قَالُواْ } في ما بينهم: { تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ } بأن حلف كل منكم عند صاحبه { لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } ونهلكنَّه قبل إلمام العذاب علينا { ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ } عند طلب ثأره مبالغين في الإنكار: { مَا شَهِدْنَا } في مدة عمرنا { مَهْلِكَ أَهْلِهِ } أي: المكان الذي أهلك فيه صالح. فكيف قتلنا إياه؟! { وَ } نؤكد قولنا هذا بالقسم أيضاً عند وليه، ونقسم { إِنَّا لَصَادِقُونَ } [النمل: 49] في قولنا هذا، وما لنا علم بأهلاكه.

{ وَمَكَرُواْ } واحتالوا، لمقت نبينا { مَكْراً } بلغياً { وَمَكَرْنَا } أيضاً؛ لهلاكهم واستئصالهم { مَكْراً } أبلغ من مكرهم، بأن أمرنا الملائكة حي يمم أولئك المفسدون الماكرون؛ لقتل صالح، وأخذوا يطلبونه أن يرجمهم بالحجارة، ويصيح عليهم بالصيحة الهائلة عند الرجم، ففعلوا معهم كذلك { وَهُمْ } حينئذٍ من شدة هولهم وفزعهم { لاَ يَشْعُرُونَ } [النمل: 50] الصائح والرماة، فهلكوا بالمرة بلا وصول إلى من مكروا لأجله.

{ فَٱنظُرْ } أيه الناظر المعتبر { كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ } واصلة إليهم لاحقة بهم وبالجملة: { أَنَّا } من مقام قهرنا وجلالنا { دَمَّرْنَاهُمْ } وأهلكنا؛ أي: التسعة المتقاسمين { وَقَوْمَهُمْ } أيضاً { أَجْمَعِينَ } [النمل: 51] إلى حيث لم يبقَ منهم أحد يخلفهم.

{ فَتِلْكَ } الأطلال الخربة والرسوم المندرسة { بُيُوتُهُمْ } ومساكنهم التي شيدوها وحصنوها بأنواع التشييدات والمترصفات والتجصيصات انظر كيف صارت { خَاوِيَةً } ساقطة جدرانها على سقوفها منعسكة، كل ذلك { بِمَا ظَلَمُوۤاْ } وبشؤم ما خرجوا على مقتضى الحدود الإلهية عتواً واستكباراً { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } المكر والإهكلا { لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [النمل: 52] دالة على كمال قدرتنا على انتقام من خرج عن ربقة انقيادنا وطاعتنا.

{ وَ } بعدما أهلكناهم صاغرين { أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيدنا، وصدقوا رسلنا سالمين غانمين { وَ } هم من كمال إخلاصهم وخشيتهم { كَانُواْ يَتَّقُونَ } [النمل: 53] ويحذرون من قهرنا وغضبنا، ولا يسيئون الأدب معنا ومع رسلنا.