الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } * { قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيءٍ مُّبِينٍ } * { قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } * { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } * { قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } * { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ } * { لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ }

وبعدما جهلهم موسى وشدد عليهم، وسفههم { قَالَ } فرعون مستكبراً مستعلياً مهدداً: { لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ } وعبدت يا موسى { إِلَـٰهَاً غَيْرِي } على مقتضى زعمك { لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ } [الشعراء: 29] المعهودين عندك أنهم لا مخلص لهم عن سجني حتى يموتوا فيه، فإنه كان يطرح المخالفين في هوة عميقة يموتون فيها.

وبعدما سمع موسى تهديده وعتوه { قَالَ } مستفهماً على سبيل التعجيز والغلبة: { أَ } تفف ما هددتني به { وَلَوْ جِئْتُكَ } أيها الطاغي المتجبر { بِشَيءٍ } أي: بمعجزةٍ { مُّبِينٍ } [الشعراء: 30] ظ اهر الدلالة على صدقي في دعواي.

{ قَالَ } فرعون مستحيياً عن الناس، مستبعداً نفسه عن العجز: { فَأْتِ بِهِ } أي: بالذي ادعيت من المعجزة { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [الشعراء: 31] في الدعوى.

{ فَأَلْقَىٰ } موسى { عَصَاهُ } على الفور { فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } [الشعراء: 32] ظاهر ثعبانيته، عظيم بحيث لا يُشتبه على أحدٍ أمره.

{ وَ } بعدما ألقى عصاه { نَزَعَ يَدَهُ } أي: أخرجها من جيبه؛ ليثبت مدعاه بشاهدين { فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ } محيرة مفرقة للأبصار من غاية شعاعها ولمعانها { لِلنَّاظِرِينَ } [الشعراء: 33] إليها، مدهشة لقلوبهم إلى حيث تاهوا وتحيروا من تشعشعها.

فلما رأها فرعون { قَالَ } بعدما أوجس في نفسه خيفة { لِلْمَلإِ } الذين يجلسون { حَوْلَهُ } مستغرباً من أمره، مستعجباً: { إِنَّ هَـٰذَا } المدعي { لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } [الشعراء: 34] ماهر في علم السحر، بالغ نهايته.

{ يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ } المألوفة { بِسِحْرِهِ } هذا وكمال فيه { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } [الشعراء: 35] في أمره أيها الأشراف.

انظر أيها المتأمل الناظر إلى كمال قدرة الله وسطوع حججه الغالبة البالغة، كيف تأثر منها فرعون المتكبر المتجبر الطاغي، مع كمال عتوه واستعلائه، إلى حيث اضطر إلى المشورة مع الناس في أمر موسى ودفعه، مع أنه ادَّعى الألوهية لنفسه.

وبعدما سمع الأشراف قوله { قَالُوۤاْ } له: مقتضى شأنك وجلالك ألاَّ تتسارع إلى قتلهما؛ لئلا تُنسب إلى العجز الإلزام منهما ومن حجتهما، بل { أَرْجِهْ } واحبس موسى { وَأَخَاهُ } هارون، وأخِّر قتلهما زماناً { وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ } شرِطة { حَاشِرِينَ } [الشعراء: 36] جامعين.

حتى { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ } مبالغ في السحر { عَلِيمٍ } [الشعراء: 37] فائق منه، بالغ نهايته.

فبعث شرطة إلى الأقطار بعدما وكلَّل عليهما وكلاء يحبسونهما { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ } المهرة في هذا الفن { لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } [الشعراء: 38] أي: لوقت عُيِّن لجمعهم في يوم الزينة، وهو وقتي الضحى.

{ وَقِيلَ لِلنَّاسِ } أي: نودي عليهم في الطرق والسلك: { هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ } [الشعراء: 39] لموعد يوم معلوم؛ حتى تشاهدوا حال موسى وهارون وغلبة السحرة عليهما، وإبطال ما أتيا به من السحر.

{ لَعَلَّنَا } بأجمعنا { نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ } [الشعراء: 40] إياهما.