الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } * { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ } * { تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } * { يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } * { وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } * { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }

{ وَ } إن عادوك وعاندوا معك إلى أن قصدوا منك { تَوكَّلْ } في دفعهم وكفاية مؤنتهم { عَلَى ٱلْعَزِيزِ } الغالب لقهر الأعداء، الغالب على غضبهم وانتقامهم بأنواع البلاء { ٱلرَّحِيمِ } [الشعراء: 217] على الأولياء، ينصرهم على أعدائهم، ويدفع عنهم شرورهم.

وكيف لا يرحمك يا أكمل الرسل، ولا يكفيك مؤونة أعدائك { ٱلَّذِي يَرَاكَ } أي: القيوم القادر الذي يشاهد { حِينَ تَقُومُ } [الشعراء: 218] من منامك خلال الليل طلباً لمرضاته، ورفعاً لحاجاتك نحوه؟!.

{ وَ } يشاهد أيضاً { تَقَلُّبَكَ } وترددك جوف الليل في تفقد أحوال المؤمنين { فِي ٱلسَّاجِدِينَ } [الشعراء: 219] المتذللين نحو الحق، واضعين جباههم على تراب المذلة والانكسار شوقاً إليه وتحنناً نحوه من إفراط المودة، واشتعال نار العشق والمحبة الإلهية المطفئة لنيران الأهوية الفاسدة والآراء الباطلة.

وكيف لا يتذللون إليه ولا يتحننون نحوه { إِنَّهُ } بذاته { هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لمناجاتهم وعرض حاجاتهم { ٱلْعَلِيمُ } [الشعراء: 220] بمقاصدهم وأغراضهم، وخلوص نياتهم وإخلاصهم في أعمالهم.

وبعدما ردَّ سبحانه قول من قال: إن القرآن منزل من قبل الشياطين لا من الملائكة وأثبت أن إنزاله منه سبحانه، وإيصاله من الروح الأمين على الرسلو الأمين؛ إذ المناسبة بينهما مرعية، والمشاكلة مثبتة، أراد أن يشير سبحانه إلى أن تنزيل الشياطين وتسويلاتهم إنما هو لأوليائهم الذين كملت نسبتهم إليهم، وصحت مناسبتهم معهم.

فقال: { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ } وأخبركم أيها المسرفون المترددون في أمر القرآن وإعجازه وإنزاله من قبل الحق القادحون فيه بنسبته إلى تنزيل الشيطان، أو إلى الشعر الذي هو من جملة وساوسه وتخيلاته، مع أنه مشتمل على معارف وحقائق، ورموزات وشهودات لا يسع الإتيان بها والتعبير عنها إلا لمن هو علام الغيوب، مطلع على سرائر أرباب الكشف والشهود، أُخبركم { عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ } [الشعراء: 221] للإضلال والوسوسة، والتحريف عن طريق الحق، والتغرير بالأباطيل؟.

{ تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ } مبالغ في الإفك والافتراء { أَثِيمٍ } [الشعراء: 222] مغمور في الإثم والعصيان، وأنواع الفسوق والطغيان.

ليتحقق مناسبته مع الشياطين الذين { يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ } للملائكة، ويصغون منهم بعض المغيبات لا على وجهها؛ غرضهم من الإصغاء الإفساد والرد لا الإصلاح والقبول { وَ } لذلك { أَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } [الشعراء: 223] فيما يسمعون ويلقون؛ إذ هم يحرفونه ويزيفون ترويجاً لما هم عليه من الفساد والإفساد، وتغريراً لأوليائهم بأنواع التغريرات.

{ وَ } من جملة أولياء الشياطين المنتسبون إليهم بالنسبة الكاملة الكاذبة: { ٱلشُّعَرَآءُ } المذبذبون بين الأنام بأكاذيب الكلام وأباطيله؛ لذلك { يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ } [الشعراء: 224] الضالون من جنود الشياطين، المستتبعون لهم؛ لترويج أباطيلهم الزائفة.

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ } ومن تابعهم من الغواة { فِي كُلِّ وَادٍ } من أودية الضلالة والطغيان { يَهِيمُونَ } [الشعراء: 225] يترددون حيارى تائهين بلا ثبات ولا قرار، مترددين في معاشهم ومعاهدهم.

{ وَأَنَّهُمْ } من غاية غفلتهم وسكرتهم في أمور معاشهم { يَقُولُونَ } بأفواههم، ويخبرون بألسنتهم تلقفاً { مَا لاَ يَفْعَلُونَ } [الشعراء: 226] من الأخلاق و الحكم والمواعظ، والرموز والإشارات التي تصدر عنهم هفوة، وهم لا يمتثلون بها أصلاً.

السابقالتالي
2