الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } * { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } * { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

{ وَ } المؤمنون المقبولون المبرورون عند الله، هم { ٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } أي: الشهادة الباطلة المسقطة للعدالة والمروءة أصلاً { وَ } أيضاً { إِذَا مَرُّواْ } فجأة بلا سبق ترقب منهم وتجسس { بِاللَّغْوِ } مطلقاً: أي: ما يجب أن يلغو ويطرح من المكروهات والمحظورات والمستقبحات، سواء كان قولياً أو فعلياً { مَرُّوا } عليها { كِراماً } [الفرقان: 72] أي: مكرِّمين أنفسهم عن الوقوف عليه، مستغفرين من الله لمن ابتلاه الله به غاضين أبصارهم عن تدقيق النظر نحوه وتكرير المشاهدة إليه، والمبالغة في المطارحة والمطالعة فيه، وبالجملة: مرو باللغو على وجه التلطف والرفق والتليين، بحيث يستحيي من رفعته ولطفه المبتلون به؛ لعل الله يتوب عليهم بكرامة كرمه، إلى حيث لا يحومون حول ذلك اللغو بد ذلك أصلاً.

{ وَ } هم { الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ } ووعظوا { بِآيَاتِ رَبِّهِمْ } الدالة على توحيده واستقلاله في ألوهيته وربوبيته { لَمْ يَخِرُّواْ } ولم يسقطوا { عَلَيْهَا } أي: على الآيات { صُمّاً } أصمين غافلين عما فيها من الأوامر والنواهي، والعبر والأمثال، والرموز والإشارات { وَعُمْيَاناً } [الفرقان: 73] أعمياء عن مطالعة آثار أوصاف صفاته الجلالية والجمالية فيها بل يخرون ويتذللون عند سماعها، واعين حافظين بما فيها من المواعظ والتذكيرات المتعلقة لأحوالهم في النشأتين، مطالعين منها آثار الأوصاف والأسماء الإلهية، ناظرين عليها بنظر الاعتبار والاستبصار.

{ وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } داعين مناجين متضرعين قائلين: { رَبَّنَا } يا من ربانا على فطرة التوحيد والإيقان { هَبْ لَنَا } بفضلك، وسعة لطفك وجودك من في حوزتنا وجوارنا { مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } أي: أجعلهم بحيث تقر وتتنور عيوننا برؤيتكم من كمال صلاحهم وسدادهم، ممتثلين بأوامرك، مجتنبين عن نواهيك { وَ } بعدما وهبتنا يا مولانا ولأهلينا ما تقر به عيوننا من الاتقاء عن محارمك والامتثال بأوامرك، و { ٱجْعَلْنَا } بلطفك { لِلْمُتَّقِينَ } المحترزين الحذرين عن محارمك ومنهياتك { إِمَاماً } [الفرقان: 74] مقتدى بهم، نرشدهم إلى طريق توحيدك.

وبالجملة: { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبولون عند الله، المذكورة أوصافهم من قوله سبحانه:وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ... } [الفرقان: 63] إلى هنا، هم الذين { يُجْزَوْنَ } من عند ربهم تفضلاً عليهم وامتناناً { ٱلْغُرْفَةَ } وهي أعلى درجات الجنان { بِمَا صَبَرُواْ } أي: بسبب ما صبروا على مشاق الطاعات ومتاعب الرياضات، والتحمل على قطع التعلقات وترك المألوفات، والذب عن جملة المشتهيات والمستلذات { وَ } بعدما استقروا عليها { يُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً } وترحيباً من الملائكة من جميع الجوانب { وَسَلاَماً } [الفرقان: 75] أي: سلامة عن جميع الآفات.

{ خَالِدِينَ فِيهَا } أي: في الجنة لا يتحولون عنها ولا يتبدلون، بل دائمون فيها مقيمون؛ لذلك { حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً } مستقرون فيها ومتمكنون عليها { وَمُقَاماً } [الفرقان: 76] يقيمون ويتوطنون فيها.

ثمَّ لمَّا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عموم المشركين إلى الإيمان والتوحيد، وأمرهم بالإطاعة والانقياد على ما أمرهم الله، ونهاهنم عما نهاهم سبحانه على مقتضى الوحي الإلهي والكتاب المنزل من عنده كذبوه، وأنكروا له قائلين: نحن لا نؤمن بك ولا بكتابك ولا بربك الذي ادَّعيت الرسالة عنه، ولا نطيع بما أُمرنا ونُهينا عنه، وبالجملة: لا نقلل منك جميع ما جئت به من قِبَل ربك، ونسبته إليه افتراءً ومراءً.

السابقالتالي
2