الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } * { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً }

{ وَ } بعدما أنزلنا القرآن الفرقان على عبدنا؛ ليهدي التائهين بيداء الغفلة والضلال { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } بالله، وأعرضوا عما جاء من عنده، ولتكميل الناقصين: { إِنْ هَـٰذَا } أي: ما هذا الذي جاء به هذا المدعي { إِلاَّ إِفْكٌ } كذب يصرف عن الحق ويلبس الباطل بصورته؛ لأنه { ٱفْتَرَاهُ } أي: اختلقه عن عمدٍ، ونسبه إلى الوحي تغريراً وترويجاً لأمره { وَ } مع ذلك { أَعَانَهُ عَلَيْهِ } ولقَّن له فحواه { قَوْمٌ آخَرُونَ } وهم أحبار اليهود، وبعدما سمع فحواه منهم، عبر عنه بلفظ فصيح، وأفرغه في قالب بليغ، فأتى به على الناس، ولقبه الفرقان المعجز، والقرآن البرهان المثبت المنزل عليه من ربه بطريق الوحي والإلهام؛ ترويجاً لمفترياته وتقريراً للناس على قبولها { فَقَدْ جَآءُوا } أي: أولئك المسرفون المفرطون بجعل القرآن الفرقان المعجز - لفظاً ومعنى - إفكاً صرفاً وافتراءً محضاً { ظُلْماً } خروجاً فاحشاً عن حد الاعتدال { وَزُوراً } [الفرقان: 4] قولاً كذباً، وبهتاناً ظاهراً متجاوزاً ع الحد، مسقطاً للمروءة سقوطاً تاماً؛ إذ نسبة هذا الكتاب الذيلاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [فصلت: 42] إلى أمثال هذه الخرافات التي جاءوا بها أولئك الجهلة بشأنه في غاية الظلم والزور ونهاية المراء والغرور.

{ وَقَالُوۤاْ } أيضاً في حق هذا الكتاب ما هو أفحش منه، وأبعد من شأنه بمراحل، وهو: إنه { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أكاذيب سطرها المتقدمون فيما مضى، وهو { ٱكْتَتَبَهَا } أي: استنسخها من حَبْر، وكتبها له كاتب، وبعدما أخذ سوداها { فَهِيَ } الأساطير المذكورة { تُمْلَىٰ } وتُقرأ { عَلَيْهِ } أي: على محمد صلى الله عليه وسلم { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } [الفرقان: 5] أي: غداةً وعشياً على سبيل التكرار ليحفظها؛ إذ هو أمي لا يقدر على أن يكرر من الكتاب، وبعدما حفظها، قرأها على الناس مدعياً أنها موحى من عند الله، أنزلها عليه ملك سماوي اسمه جبرائيل، أو تُملى عليه على سبيل التعليم ليكتب لنفسه.

{ قُلْ } يا أكمل الرسل بعما سمعت مقالهم، وتفرست حالهم في العتو وأنواع الإنكار والفساد: { أَنزَلَهُ } أي: الفرقان عليَّ مع أني أمي كما اعترفتم، لا قدرة لي على الإملاء فكيف على الإنشاء العليم؟! { ٱلَّذِي يَعْلَمُ } بعلمه الحضوري { ٱلسِّرَّ } المكنون والحكمة الكامنة { فِي } أشكال { ٱلسَّمَاوَاتِ وَ } أقطار { ٱلأَرْضِ } ولهذا أعجزكم بكلامه هذا عن آخركم مع أنكم من ذوي اللسن والفصاحة، وأعلى طلبقات البلاغة والبراعة، فعجزتم عن معارضته؛ ومع ذلك ما تستحيون أيها المسرفون المفرطون نسبتم إليه ما هو بريء عنه، بنسبتكم هذه استوجبتم العذاب والعقاب عاجلاً وآجلاً، إلا أنه سبحانه أمهلكم رجاء أن تتنبهوا بسوء صنيعكم هذا، فترجعوا إليه سبحانه تائبين نامين، فيغفر لكم ما تقدم من ذنوبكم، ويرحمكم بقبول توبتكم { إِنَّهُ } سبحانه في ذاته { كَانَ غَفُوراً } للأوابين التوابين { رَّحِيماً } [الفرقان: 6] للمتندمين المخلصين.

السابقالتالي
2