الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً } * { يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } * { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } * { وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً } * { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً }

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل لمن ظلمك وأساء الأدب معك، وأراد مقتك وطردك بغياً عليك واستكباراً { يَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ } الجاحد الخارج عن مقتضى الأدب مع الله ورسوله { عَلَىٰ يَدَيْهِ } تحسراً على تفريطه وإفراطه في العتو والاستكبار، والجحود والإنكار { يَقُولُ } حينئذٍ متحسراً متمنياً: { يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ } الهادي إلى سواء السبيل { سَبِيلاً } [الفرقان: 27] يوصلني إلى منهج الرشاد، وينجِّني عن هذا العذاب.

{ يَٰوَيْلَتَىٰ } تعالي يا هلكتى، أسرعي { لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً } مضلا ً { خَلِيلاً } [الفرقان: 28] صديقاً أضلني عن خلة الرسول المرشد المنجي والله.

ذلك المغوي { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ } أي: عن ذكر الله ذكر رسوله ومصاحبة المؤمنين { بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي } واختلط معي، وصار صديقي وخليلي، بل صار شيطاناً فوسوس عليَّ، وأعرضني عن طريق الحق { وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ } المضلُّ المغوي سواء كان جِنّاً أو إنساً أو نفساً { لِلإِنْسَانِ } المجبول على الغفلة والنسيان { خَذُولاً } [الفرقان: 29] يخذله ويحرمه عن الجنان، ويسوقه إلى دركات النيران بأنواع الخيبة والحرمان، ونعوذ بك يا ذا الفضل والإحسان من شرِّ الشيطانز

{ وَ } بعدما طعنوا في القرآن كثيراً، ونبذوه وراء ظهورهم نبذاً يسيراً بلا التفات لهم إليه وإلى ما فيه من الأوامر والنواهي { قَالَ ٱلرَّسُولُ } مشتكياً إلى الله مناجياً: { يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي } الذي بعثتني إليهم؛ لأهديهم وأرشدهم إلى توحيدك، وأبني لهم حدود ما أنزلت إليَّ من الكتاب المعجز الجامع لجميع ما في الكتب السالفة، المشتمل على جميع المعارف والحقائق والحِكم، والأحكام المتعلقة بالتدين والتخلق في طريق توحيدك وتفريدك وتقديسك، مع أن هؤلاء الجهلة المسرفين { ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ } مع سطوع برهانه، وقواطع حججه وتبيانه { مَهْجُوراً } [الفرقان: 30] متروكاً لا يلتفتون إليه ولا يسترشدون منه، ولا يتوجهون نحوهن بل يقدحون فيه ويكذبون، وينسبون إليه ما لا يليق بشأنهز

{ وَ } بعدما بث صلى الله عليه وسلم شكواه إلى ربه، وبسط فيها معه سبحانه ما بسط، قال سبحانه تسليةً له صلى الله عليه وسلم، وإزالةً لشكواه: لا تبالِ بهم وبشأنهم، ولا تحزن من سوء فعالهم؛ إذ { كَذَلِكَ } أي: مثل ما جعلنا لك يا أكمل الرسل أعداءً منكرين مكذبين { جَعَلْنَا } أيضاً { لِكُلِّ نَبِيٍّ } من الأنبياء الماضين { عَدُوّاً مِّنَ ٱلْمُجْرِمِينَ } المنكرين المكذبين لهم، ويسيئون الأدب معهم ويطعنون بكتبهم، ولا ينصرونهم ولا يروجون دينهم ولا يقبلون منهم قولهم، وليس هذا مخصوصاً بك و بدينك وكتباك { وَ } بالجملة: لا تحزن عليهم؛ إذ { كَفَىٰ بِرَبِّكَ } أي: كفى ربك لك { هَادِياً } يرشدك إلى مقصدك، ويغلبك على عدوك { وَنَصِيراً } [الفرقان: 31] حسيباً يكفيك مؤونة شرورهم وعداوتهم وإنكارهم.