الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } * { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } * { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً } * { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } * { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ }

{ وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا } أي: من النار { مَكَاناً } أي: في مكان من أمكنتها صار { ضَيِّقاً } لهم تشدد العذاب عليهم؛ بحيث صار كل منهم من ضيق { مُّقَرَّنِينَ } قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالسلاسل والأغلال { دَعَوْاْ } وتمنوا من شدة حزنهم وكربهم { هُنَالِكَ ثُبُوراً } [الفرقان: 13] هلاكاً وويلاً، قائلين صائحين: واثبوراه! واويلاه! تعال تعال! وهذا وقت حلولك ونزولك، ويقال لهم حينئذ: { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ } أيها الجاهلون { ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } [الفرقان: 14] إذ أنواع العذاب تتجدد عليكم دائماً، فاطلبوا الكل منها ثبوراً.

{ قُلْ } يا أكمل الرسل موبخاً عليهم، ومعيراً بعدما بيَّنت لهم منقلبهم ومثواهم في الآخرة { أَذٰلِكَ } السعير الذي سمعتم وصفه، أو المعنى: أذلك الجنة التي إمِلتم من جنات الدنيا ومنتزهاتها { خَيْرٌ } مرجعاً ومصيراً { أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ } المؤبد المخلد أهلها فيها بلا تبديل وتغيير { ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } بدخولها حتى { كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً } لأعمالهم الصالحة التي أتوا بها في النشأة الأولى، وصارت بدلاً من مستلذاتها الفانية { وَمَصِيراً } [الفرقان: 15] أي: مرجعاً ومنقلباً لهم بعدما خرجوا من الدنيا، مع أن { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ } من النعيم المقيم الدائم؛ لكونهم { خَالِدِينَ } فيها لا يتحولون عنها أصلاً؟ لذلك { كَانَ } هذا الوعد { عَلَىٰ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل { وَعْداً مَّسْئُولاً } [الفرقان: 16] مطلوباً للمؤمنين في دعواهم ومناجاتهم، حيث قالوا في سؤالهم ودعائهم: ربنا آتنا ما وعدتنا على رسلك، إلى غير ذلك من الآيات والمناجاة المأثورة من الأنبياء والأولياء.

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل للمتخذين آلهة سوانا، وحذِّرهم { يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } ونبعثهم للعرض والجزاء { وَ } نحشر أيضاً { مَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد؛ أي: آلهتهم الذين يعبدونهم كعبادة الله، كالملائكة وعزير وعيسى والجن والكواكب والأصنام، عبَّر سبحانه عن آلهتهم بـ (ما)، مع أن بعضهم عقلاء لعموم (ما)؛ أي: إنها تستعمل في عاقل وغيره، أو للتغليب، أو باعتبار ما يعتقدون ويتخذون آلهة من تلقاء نفوسهم، لا حقيقة لها سوى الاعتبار؛ لأنهم لا يرضون باتخاذهم، وبعدما حشر الآلهة ومتخذوهم مجتميعن { فَيَقُولُ } الله سبحانه مستفهماً للآلهة على سبيل التوبيخ والتبكيت لمتخذيهم: { أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ } [الفرقان: 17] عن عبادتي، ودعوتموهم إلى عبادة نفوسكم مدعين أنتم الشركة معي؟.