الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

ثم لما كانت العرب يتحرّجون عن مصاحبة ذوي العاهات، والمؤاكلة معهم استقذاراً، وكانوا أيضاً يتحرّجون من البيوتات المذكورة تعظماً واستبكاراً، بل يعدونه عاراً، ويستنكفون منه، ردَّ الله عليهم ونفى الحرج، فقالِ: { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ } أن يأكل مع البصراء { وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ } أن يأكل مع السويِّ السالم، ويجلس معه { وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ } أن يأكلش مع الأصحاء { وَلاَ } حرجَ أيضاَ { عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } في أكلكم مطلقاً سواءً { أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ } وعند أهليكم ومحارمكم، سواءً كان من أكسابكم وأكساب أولادكم { أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ } وأجدادكم؛ لأنهم مستخلِفون لكم { أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ } لأن بينكم وبينهن مناسبة الكلية والجزئية { أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ } لا شتراككم معهم في المنشأ { أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ } لاشتراك آبائكم معهم في المنشأ { أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ } لاشتراك أمهاتكم معهم في المنشأ.

{ أَوْ } بيوت { مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ } يعني: بيوت عبيدكم التي أنتم أسبابُ لإنشائها سواءُ كانوا معتَقين أم لا، والتعبير عنهم بما: للتمليك والرّية { أَوْ } بيوت { صَدِيقِكُمْ } بالمناسبة المعنوية التي هي أقوى من القرابة النَّسَبية الصورية، كل ذلك المذكور مسبوقُ بالإذن والرضا والتبسط والنشاط من أصحاب البيوتات.

ثم أشار سبحانه إلى أدب المؤاكلة فقال: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً } مجتمعين في إناءٍ واحدٍ يأكل بعضكم سؤر بعض؛ إذ هو أدخل في التأليف والتحابب { أَوْ أَشْتَاتاً } متفرقين كلُّ في إناءٍ، وهذا أدخل في التزكية والنظافة { فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً } أي: كلُ منكم بيتاً من البيوت التي رُخِّصتم بالأكل منها { فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } أي: فابدؤوا بالسلام على أهلها؛ لأنهم منكم ديناً وقرابةً، حتى صار سلامكم إياهم { تَحِيَّةً } وزيادة حياةٍ لهم { مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } تفضلاً عليهم وإحساناً { مُبَٰرَكَةً } كثيرةَ الخير والبركة النازلة من عده على أهلها { طَيِّبَةً } خالصةً صافيةً عن كدر النفاق وأثر الخلاف والشقاق { كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ } الدالة على آداب أثر الخلاف والشقاق { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [النور: 61] رجاء أن تتفطنوا منها إلى أحوالكم في النشأة الأخرى، فتزوَّدوا فيها لأجلها.

ثم أشار سبحانه إلى محافظة الآداب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورعاية حقوقه، وكمال الإطاعة والانقياد إليه فقال: { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ } الموحدون الكاملون، المنكشفون بسرائر التوحيد الذاتي هم { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ } الجامع لجميع الأسماء والصفات المنسوبة إلى الذات الأحدية { وَرَسُولِهِ } الجامع لجميع مراتب المظاهر والمصنوعات، لا يخرج عن حيطة مرتبته الجامعة الكاملة مرتبةُ من المراتب أصلاً { وَ } بعدما عرفتم جمعيته { إِذَا كَانُواْ } مجتمعين { مَعَهُ } صلى الله عليه وسلم { عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ } أي: أمرٍ مشروطٍ حصولهُ بالاجتماع والاقتحام كالزحف والجهاد والجُمَع والأعياد { لَّمْ يَذْهَبُواْ } ولم ينصرفوا من عنده صلى الله عليه وسلم { حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ } بالانفضاض والانصراف، وإن كنتم مضطرين إلى الإياب والذهاب.

السابقالتالي
2