الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } * { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ } * { يُقَلِّبُ ٱللَّهُ ٱللَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ يَخْلُقُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ أَلَمْ تَرَ } ولم تعلم أيها المعتبر الرائي { أَنَّ ٱللَّهَ } المتوحدَ برداء العظمة والكبرياء، المستقل بالوجود الحقيقي بكمال اللطف والجود { يُسَبِّحُ لَهُ } ويقدسه سبحانه عن جميع ما لا يليق بشأنه عن شوب النقص وسمات الحدوث والإمكان، جميعُ { مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } من المجبولين على المعرفة المتوجهين نحو المبدع طوعاً { وَ } جميع من في { ٱلأَرْضِ } أيضاً كذلك { وَ } كذا { ٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ } باسطاتٍ أجنحتهن في الجو { كُلٌّ } أي: كل واحدٍ من المسبحين السماويين والأرضيين والهوائيين { قَدْ عَلِمَ } وأشعر { صَلاَتَهُ } وميله إلى ربه الذي أوجده وأظهره { وَتَسْبِيحَهُ } الذي سبَّح ونزه به مبدعاً عما لا يليق بجنابه { وَٱللَّهُ } المتجلي بأسمائه الحسنى وصفاته العليا { عَلِيمٌ } بعلمه الحضوري { بِمَا يَفْعَلُونَ } [النور: 41] أي: بحميع ما صدر عنهم من التوجه والتسبيح، وإخلاصهم فيه.

وكيف لا يعلم سبحانه أفعال عباده ومملوكه؛ إذ { وَللَّهِ } المظهر المبدعِ ابتداءً { مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } وجميع من فيها وما فيها { وَٱلأَرْضِ } ومن عليها وما عليها، فله التصرف فيهما، وفيما بينهما بالاستقلال والاختيار بلا مزاحمة الأضداد والأغيار { وَ } كيف لا { إِلَىٰ ٱللَّهِ } لا إلى غيره من الأظلال الهالكة في بيداء الضلال { ٱلْمَصِيرُ } [النور: 42] أي: المرجع المنتهى؛ إذ الكل منه بدأ وإليه يعود، هو الأول والأخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء كائنُ وسيكون أزلاً وأبداً عليمُ خبيرُ، يظهره ويعدمه حسب علمه وخبرته بإرادته واختياره.

{ أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { أَنَّ ٱللَّهَ } المتكفلَ لأرزاق عباده كيف { يُزْجِي } ويسوق أجزاء الأبخرة والأدخنة إلى فوقٍ متفرقةً؛ ليجعله { سَحَاباً } هامراً { ثُمَّ يُؤَلِّفُ } ويركب { بَيْنَهُ } أي: بين أجزاء السحاب { ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً } متراكماً متكاشفاً متصلاً؛ ليكوّن منه مياهً كثيرةً، ثم يُجعل له فتوقاً ومنافذَ { فَتَرَى } أيها الناظر المعتبر { ٱلْوَدْقَ } أي: المطر المتقاطر { يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ } وفتوقه غايةً منه سبحانه لمن في حوزته فضلُه وجودُه { وَ } كذا { يُنَزِّلُ مِنَ } جانب { ٱلسَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا } يعني: من قطعِ سحابٍ متراكمٍ في الجو على هيئة الجبال الرواسي { مِن بَرَدٍ } متكونٍ من الأبخرة والأدخنة الواصلة إلى الطقبة الزمهريرية من الهواء وصولاً تاماً، إلى حيث انجمدت انجماداً صلباً كالحجر من كمال البرودة، فيُنزل منها إظهاراً لقهره سبحانه، وتنبيهاً على صَولة سطوة صفاته الجلالية { فَيُصِيبُ بِهِ } سبحانه { مَن يَشَآءُ } من عباده ممن سبق القهرُ والغضبُ منه سبحانه يمقتضى جلاله سبحانه { وَيَصْرِفُهُ } أي: يصرف شره { عَن مَّن يَشَآءُ } من أهل العناية على مقتضى لطفه وجماله.

ومن أمارات غضب الله وقهره: إنه { يَكَادُ } ويقرب { سَنَا بَرْقِهِ } اللامعِ؛ أي: ضوئهِ الحاصلِ منه في كمال الظلمة حالة الاصطكاك { يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَارِ } [النور: 43] الناظرة نحوه، ويختطفها بحدوث الضد من الضد فجأة، وذلك من الأسباب التافهة التامة لتفريق البصر.

السابقالتالي
2