الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ } * { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } * { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } * { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ }

وكيف لا تنزجرون عن قهر الله أيها الغافلون، ولا تخافون عن بشطه أيها الضالون، أما تستحيون منه سبحانه مع حضوره وشهوده في جميع الأماكن، وظهور نوره في عموم الآفاق والأنفس غيباً وشهادة، ظاهراً وباطناً، أزلاً وأبداً، أولاً وآخراً، صورةً ومعنىً.

وكيف تتركون حدوده وتخرجون عن مقتضى أوامره ونواهيه في كتبه المنزلة على رسله أيها الجاهلون المسرفونن؛ إذ { ٱللَّهُ } المتجلي بأسمائه الحسنى وصفاته العليا { نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: مظهرهما وموجدهما، وموجدُ ما ظهر بينهما وفيهما وعليهما من كتم العدم، بلا سبق مادةٍ ومدةٍ بامتداد أظلال أسمائه وآثار صفاته عليهما { مَثَلُ نُورِهِ } أي: ظهور أنواع وجوده من هياكل الهويات وشباك العكوس والتعينات { كَمِشْكَاةٍ } وهي كوةُ تُوضع فيه القناديل المسرجة، وهي مثال الأشكال والمظاهر والتعينات المنعكسة من أشعة الأسماء والصفات الإلهية المتشعشعة المتجلية بالتجليات الحبية على مقتضى الذات { فِيهَا مِصْبَاحٌ } وهي مثال نور الوجود الإلهي، المضيء بنفسه وذاته، ومن كمال شروقه وبروقه ولمعانه تخطف الأبصار وتكمل المدارك والأنظار، لذلك احتجب { ٱلْمِصْبَاحُ } المذكمور أولاً { فِي زُجَاجَةٍ } صافيةٍ عن كدر التعينات ورين التعلقات، وهي مثال الأسماء والصفات المنبسطة أظلالها على صفائح الأكوان.

ومن كمال اللطافة والصفاء، هذه { ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } في غاية الإضاءة والإنارة، يتلألأ ويتشعشع بصفاته الذاتية ولطافته الجبلية؛ لأنه { يُوقَدُ } ويسرج بدهن إليهي متخذ { مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ } كثيرة الخير والبركة لمن استظل تحتها، وهي شجرة الوجود الممتدة أظلالها على صفائح عموم ما ظهر وبطن من المظاهر والموجودات الغير المحصورة { زَيْتُونَةٍ } كثيرة النفع والخير؛ إذ الوجود خيرُ محض ونفعُ صرفُ لا شرَّ يه ولا ضررَ أصلاً { لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ } أي: معتدلةُ في نفسها، خارجةُ عن الجهات كلَّها غيرُ محاطةٍ بها.

ومن كمال صفائها ولطافتها { يَكَادُ زَيْتُهَا } بإضاءتها الذاتية، وإشراقها العينية { يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } هي التجلي الحبي الشوقي، والمحبة الخالصة والعشق الإلهي.

وبالجملة: نور الوجود الإلهي { نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ } لا يدركه، ولا يتميز، ولا يطلع عليه أحدُ من مظاهره ومصنوعاته، بلا توفيقٍ منه سبحانه وجذبٍ من جانبه، بل { يَهْدِي ٱللَّهُ } الهادي لعباده إلى صفاء توحيده { لِنُورِهِ } أي: ضياءِ وجودِه وسعة رحمته وَجُوده { مَن يَشَآءُ } من عباده من جذبه الحق نحو جنابه، ووفَّقه الوصول إلى فناء بابه.

{ وَ } للتنبيه إلى هذا المقام والإشارة إلى هذا المرام، و { يَضْرِبُ ٱللَّهُ } المطلع لاستعدادات عباده { ٱلأَمْثَالَ } المنبهة والأشياء المثيرة { لِلنَّاسِ } المجبولين على فطرة التوحيد لهم؛ لعلهم يتفطنون على ما جبلوا لأجله ويتنبهوا على مبدئهم ومَعادهم { وَٱللَّهُ } المحيط بالآفاق والأنفس إحاطة حضورٍ وشهودٍ { بِكُلِّ شَيْءٍ } مما جرى في مملكة عموم المظاهر والمصنوعات { عَلَيِمٌ } [النور: 35] لا يغيب عن عمله شيء.

السابقالتالي
2 3