الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ } * { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }

{ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } أي: بَعُد بعداً تاماً، واستحال استحالةً شديدةً { لِمَا تُوعَدُونَ } [المؤمنون: 36] من البعث بعد الموت والوجود بعد العدم والإعادة بعد الإماتة.

{ إِنْ هِيَ } أي: ما الحياة لنا أيها العقلاء { إِلاَّ حَيَاتُنَا } الت يهي { ٱلدُّنْيَا } إذ وجودنا وعدمنا مقصورُ على ما هو فيها { نَمُوتُ } ونعدم بعد الوجود فيها { وَنَحْيَا } ونوجد بعد العدم أيضاً فيها { وَ } بالجملة: { مَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } [المؤمنون: 37] منشَرين أحياءً بعدما متنا فيها، كما نشاهد من سائر الأشياء؛ يعني: لا منزل لنا سوى الدنيا حياتنا فيها وموتنا فيها لا دارَ لنا غيرها.

{ إِنْ هُوَ } أي: ما هو المدعى الكاذب { إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ } ونسب { عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً } ومراءً عنه أنه أرسلني الله وأوصاني بكذا وكذا، وما هي إلا مختراعاتُ اخترعها ن تلقاء نفسه { وَ } بالجملة: { مَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } [المؤمنون: 38] بمجرد هذه الدعوى، وإن أثبتها أيضاً؛ إذ هو بشرُ مثلنا ولا رسالةَ للبشر من الله إلى البشر.

وبعد يأسه من إيمانهم أخذ في الدعاء عليهم، مشتكياً إلى الله؛ حيث { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } [المؤمنون: 39] أي: عذِّبهم بتكذيبهم إياي؛ إذ تكذيبي مسلتزم لتكذيبك يا ربي.

{ قَالَ } سبحانه: اصبر ولا تستعجل في انتقامهم أهم { عَمَّا قَلِيلٍ } أي: عن زمانٍ قليلٍ { لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } [المؤمنون: 40] عمَّا فعلوا من التكذيب والإنكار.

{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } الهائلة من جانب السماء بغتةً، قيل: صاح عليهم جبريل عليه السلام صيحةً هائلة، بعدما تعلق إرادته الله بإهلاكهم ملتبساً { بِٱلْحَقِّ } أي: بالعذاب الثابت المحقق الواجب وقوعه { فَجَعَلْنَاهُمْ } وصيرنا أجسادهم { غُثَآءً } أي: كالغثاء الذي يسيل به الماء، وهو الزبد والحشائش التي يذهب بها الماء { فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [المؤمنون: 41] أي: بعدما صاروا كذلك، قيل في حقهم: بَعُد بعداً وطرداً للقوم اللظالمين الخارجين عن مقتضى أوامر الله ونواهيه، النازلة منه سبحانه على ألسنة أنبيائه ورسله.

{ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ } وانقراضهم { قُرُوناً آخَرِينَ } [المؤمنون: 42] يعني: قوم صالح ولوط وشعيب وغيرهم من الأمم الهالكة على الكفر والعناد بسبب تكذيب الرسل وكتبهم.

وبالجملة أهلكناهم؛ بحيث { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا } أي: ما تستعجل وتستقدم أمةُ منهم أجلَها الذي عيَّنَّا لإهلاكها، وقدرنا هلاكهم فيه { وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } [المؤمنون: 43] أيضاً: لا يسمع لهم الاستقدام والاستئخار في المدة المقدرة المعينة لهلاكهم.

{ ثُمَّ } بعدما انقرضوا { أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا } على المنحرفين عن جادة توحيدنا، المنصرفين عن مقتضى سنتنا { تَتْرَا } متواترة متتاليةً بلا تخلل فترةٍ بينهم، فصار الأمر بينهم { كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا } لإصلاح حالهم واعتدال خلافتهم وأعمالهم { كَذَّبُوهُ } وأنكروا له وظهروا عليه بالمقاتلة والمشاجرة، فأهلكناهم واستأصلناهم بسبب تكذيبهم وإنكارهم { فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً } بالهلاك؛ أي: أهلكناهم متتابعةً بعضهم بعد بعضٍ إلى أن طهرنا الأرض عن خبثهم وفسادهم { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } أي: حكاياتٍ وقصصاً يُسمر بهم، ويَعتبر المتعبرون عما جرى عليهم، ويقولون في حقهم ب عدما سمعوا قصصهم معتبرين: { فَبُعْداً } أي: طرداً وحرامناً ومقتاً وخذلاناً { لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [المؤمنون: 44] بتوحيد الله ولا يصدقون رسله، وجميعَ ما جاءوا به من عنده سبحانه من المعتقدات المتعلقة بالنشأتين.