الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَجَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ ٱجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ }

ومن علو شأنه، وسمو برهانه، وكمال قوته، وعزته يُتوسل إليه، ويُتوصل نحوه بوسائل ووسائطَ اختارها الله واجتباها من بين بريته لإهداء التائهين في بيدان ألوهيته إلى زلال توحيده على مقتضى سنته، وجري حكمته، كما بيَّن في كتابه حيث قال: { ٱللَّهُ } العلي المتعال ذاته عن أن يكون شرعة كل وارد، أو يطلع على سرائر أسمائه وصفاته واحدُ بعد واحدٍ، بل { يَصْطَفِي } ويختار { مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ } المقربين عنده { رُسُلاً } يرسلهم إلى خواص البشر، وخَلَّص العباد { وَ } أيضاً يصطفي ويختار { مِنَ } خيار { ٱلنَّاسِ } رسلاً يرسلهم إلى عموم عباده بالنبوة والرسالة ليرشدوهم إلى توحيده سبحانه ويهدوهم إلى سواء طريقه { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لاستعدادات عباده { سَمِيعٌ } يسمع أقوالهم ومناجاتهم ويقضي حاجاتهم { بَصِيرٌ } [الحج: 75] يبصر أعمالهم وأفعالهم ويجازيهم عليها، لأنه: { يَعْلَمُ } سبحانه بعلمه الحضوري { مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } حالاً { وَمَا خَلْفَهُمْ } ماضياً واستقبالاً { وَ } بالجملة { إِلَى ٱللَّهِ } الذي بدأ منه ما بدأ { تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } الحج: 76] الكئنة أزلاً وأبداً، ظاهراً وباطناً، حالاً ومآلاً، دنياً وآخره.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بتوحيد الله ورجوع الكل إليه أولاً وبالذات { ٱرْكَعُواْ } نحوه خاضعين منكسرين { وَٱسْجُدُواْ } له متذللين متواضعين { وَاعْبُدُواْ } بجميع أركانكم وجوارحكم { رَبَّكُمْ } الذي ربَّاكم بأنواع النعم كي تعرفوا ذاته حسب استعداداتكم، وتشكروا نعمه وحقوقَ كرمه مقدارَ وسعكم، وتعبدوه حق عبادته قدر طاقتكم { وَ } بالجملة: { وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ } على وجه أمرتم به طلباً لمرضاته، واحذروا الشر خوفاً من سخطه وحلول غضبه { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [الحج: 77] وتفوزون بما وُعدتم من الجنة المأوى وشرف اللقيا فيها.

وفقنا بفضلك وجودك على ما تحب منَّا وترضى.

{ وَ } بعدما سمعتم ما سمعتم من علو شأنه سبحانه، وكمال عظمته وكبريائه { جَاهِدُوا فِي ٱللَّهِ } واجتهدوا في سبيل توحيده { حَقَّ جِهَادِهِ } أي: ابذلوا وسعكم وطاقتكم في سلوك طرق التوحيد، مرابطين قلوبكم إلى الله، باذلين مهجكم في الفناء فيه، وكيف لا تجاهدون وترابطون أيها المائلون إلى الله بالميل الحبّي الشوقي مع أنه { هُوَ } سبحانه { ٱجْتَبَاكُمْ } واصطفاكم من بين البرايا لإدراك توحيده والاتصاف بعرفانه، وأرسل عليكم الرسل، وأنزل عليكم الكتب ليرشدكم إليه، ويبينوا لكم طريق توحيده بوضع المناهج والشرائع الموصلة إلأيه، والأديان المثمرة له { وَمَا جَعَلَ } سبحانه { عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ } الموضوع فيكم { مِنْ حَرَجٍ } ضيق وعسر خارج عن وسعكم وطاقتكم، بل وسّع سبحانه عليكم أمر دينكم بأن جعل ملتكم { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ } صلوات الرحمن عليه، إذ لا ضيق فيه ولا حرج.

أضاف أبوة إبراهيم إلى الأمة من أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول أب لهم؛ إذ رسول كلِّ أمة أ بُ ب النسبة إلى أمته، بل هو خير الآباء؛ لإرشادهم إلى طريق الحق، ولا معنى للأب إلا المرشد المربي.

السابقالتالي
2