الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي ٱلْقُبُورِ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } المنهمكون في الغفلة والنسيان المنغمسون بلوازم الحدوث والإمكان، المفضية إلى أنواع العصيان والطغيان { إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ } شك وتردد { مِّنَ } أمر { ٱلْبَعْثِ } وإمكان وقوعه، ومن قدرتنا إلى إعادة المعدوم بلا سبق الهيولى والزمان، حتى يزول ريبكم، ويرتفع شككم { فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ } وقدرنا وجودكم أولاً { مِّن تُرَابٍ } جماد، لا مناسبة بينكم وبينه أصلاً، إذ هو أصل النطفة ومادة المنيّ، إذ المنيّ إنما يحصل من الأغذية المتكونة من التراب { ثُمَّ } قدرناكم ثانياً { مِن نُّطْفَةٍ } مصبوبة في الأرحام حاصلة في أجزاء الغذاء { ثُمَّ } صورناكم { مِنْ عَلَقَةٍ } أي: دمٍ منعقد من المنيّ المصبوب في الرحم { ثُمَّ } عيّنا أركان أجسامكم { مِن مُّضْغَةٍ } أي: لحم متكون من الدم المنعقد { مُّخَلَّقَةٍ } كاملة الخلقة سوية الأجزاء بلا عيب ولا نقصان، قابلة الفطرة للمعرفة والهداية والرشد التام { وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ } ناقصة الخلقة معيوبة الأجزاء، منحطة عن درجة الكمال كل تلك التبديلات والتغييرات منَّا دليل على كما قدرتنا وإرادتنا ووثوق حكمنا وتدبيراتنا إما أظهرناها { لِّنُبَيِّنَ } ونظهر { لَكُمْ } كمال قدرتنا المتعلقة على جميع المقدورات المتحققة، والمقدرة على السوية بلا فتور وقصور.

{ وَ } بالجملة { نُقِرُّ } ونثبت الولد { فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ } ونريد ثبوته ذكراً أو أنثى، مبدِّلين مغيرين من صورة إلى أخرى مراراً كثيرة، { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } سميناه وعيناه في حضرة علمنا لتسويته وتعديله { ثُمَّ } بعدما سويناه وعدلنا أركان جسمه على الوجه الذي تقتضيه حكمتنا، ونفخنا فيه من روحنا؛ إذ نفخُنا الروح فيه علة غائية لإيجاده وإظهاره { نُخْرِجُكُمْ } أي: كلا منكم من بطون أمهاتكم { طِفْلاً } محتاجاً إلى الرضاعة والحضانة { ثُمَّ } نربيكم بأنواع التربية والتغذية، ونقوي مزاجكم ومشاعركم على التدريج { لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ } أي: كمال رشدكم وقوتكم الجسمانية، وتثمروا من المعارف والحقائق ما جبلتم لأجلها إن وفقوا من قبلنا { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ } بعدما بلغ أشده ورشده أو قبل بلوغه { وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ } وهو سن الكهولة والهرم المستلزم للخرافة ونقصان العقل وضعف القوى والآلات { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ } متعلق منه بمعلوم مخصوص { شَيْئاً } من أمارات ذلك المعلوم وصار عنده كأنه لم يلتفت إليه قط لغلبة الغفلة والنسيان عليه وسقوط الحفظ والإدراك عنه، كل ذلك إنما هو لإظهار قدرتنا الكاملة، وإرادتنا التامة الشامة { وَ } لا تتعجب من كمال قدرتنا، ومتانة صنعتنا، وحكمتنا أمثال هذا، أما { تَرَى } أيها الرائي { ٱلأَرْضَ } الممهدة المبسوطة كيف كانت { هَامِدَةً } يابسة متينة جامدة بعيدة عن الرطوبة والخضرة كالرماد { فَإِذَآ أَنزَلْنَا } وقت تعلق قدرتنا وإرادتنا بإحيائها ونضارتها { عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ } المشتمل على خاصة الحياة { ٱهْتَزَّتْ } وتحركت اهتزازاً شوقياً { وَرَبَتْ } وارتفعت من حضيض الخمود والجمود طالباً الخروج إلى فضاء الهواء والعروج إلى غاية ما أعد له من الكمال { وَ } بعد حركتها وارتفاعها متشوقة { أَنبَتَتْ } وأظهرت بإقدارنا إياها { مِن كُلِّ زَوْجٍ } نوع وصنف مما يخرج من الأرض { بَهِيجٍ } [الحج: 5] رائق عجيب، وهذا من أوضح الدلائل والبراهين عند ذوي النهى واليقين على البعث، وإعادة المعدوم، وجميع المعتقدات الأخروية.

السابقالتالي
2