الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } * { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الناسون للعهود والمواثيق { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } الذي ربَّاكم بأنواع الكرامات وجلائل العم، واجتنبوا عما نهاكم عنه من المكاره والمعاصي، ولا تغتروا بإمهاله إياكم في نشأتكم هذه، واحذروا عن بطشه في النشأة الأخرى وقيام الساعة { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ } المعدة لانقهار النظام المشاهد، وانحلال أجزاء العالم المحسوس { شَيْءٌ عَظِيمٌ } [الحج: 1] وأمر فظيع هائل فجيع، بحيث تضعفت السماوات من هيبتها، واندكت الأرضون من شدة صولتها.

اذكر أيها الرائي: { يَوْمَ تَرَوْنَهَا } أي: تلك الزلزلة الشديدة المهيبة بحيث { تَذْهَلُ } أي: تدهش وتغفل من غاية دهشتها { كُلُّ مُرْضِعَةٍ } مشفقة متحنننة { عَمَّآ أَرْضَعَتْ } أي: ولدها الرضيع مع كمال محبتها ومودتها { وَتَضَعُ } عند حدوثها من شدة هولها وفزعها { كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ } وحبلٍ { حَمْلَهَا } وجنينها { وَ } بالجملة { تَرَى } أيها الرائي { ٱلنَّاسَ } أي: جميع الأنام عند حدوثها { سُكَارَىٰ } حيارى مدهوشين، زائلين عقولهم من شدة الهول { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } حقيقة { وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ } النازل إياهم في تلك الحالة { شَدِيدٌ } [الحج: 2] مدهش محير لعقولهم وأبصارهم، وجميع قواهم ومشاعرهم.

{ وَ } كيف لا يكون لله المنتقم الجبار ذي القدرة الكاملة والغيرة التامة العذاب والنكال في النشأة الأخرى لمن يسيء الأدب معه، وينسب إليه سبحانه ما لا يليق بجنابه ونيكر يوم البعث الجزاء مع ورود الآيات العظام في شأنه { مِنَ ٱلنَّاسِ } المجبولين على المرءا والمجادلة { مَن يُجَادِلُ } ويخاصم داعي الله رسوله سيما { فِي } حق { ٱللَّهِ } ويبالغ فيها حيث ينفي ذاته سبحانه وصفاته الذاتية الكاملة { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي: دليل عقلي يتشبث به أو نقلي يستند إليه بل إنما هو عن جهل وعناد { وَ } مستنده ومتشبثه أنه { يَتَّبِعُ } في دعواه وجداله هذا { كُلَّ شَيْطَانٍ } مضل مغوٍ { مَّرِيدٍ } [الحج: 3] عالٍ متمرد في الشرارة والفساد بين العباد.

ولذلك { كُتِبَ } ونص { عَلَيْهِ } أي: الشيطان المَرِيد المردود { أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ } أي: الشيطان، واتخذه ولياً من دون الله واقتدى له واقتفى أثره { فَأَنَّهُ } أي: الشيطان بإغوائه وإغرائه { يُضِلُّهُ } ويصرفه عن سواء السبيل الذي هو طريق الإيمان والتوحيد { وَيَهْدِيهِ } على مقتضى تلبيسه وتغريره { إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } [الحج: 4] بئس المولى وبئس النصير.