الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } * { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ } * { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } * { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ }

{ وَ } نجينا أيضاً من كما لطفنا وجودنا { نُوحاً } وقت { إِذْ نَادَىٰ } ودعا متوجهاً إلينا متضرعاً { مِن قَبْلُ } حين كذَّبه قومه واستهزؤوا معه، وضربوه ضرباً مؤلماً بقوله:رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح: 26] { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } عداءه وأنجحنا مطلوبه { فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } [الأنبياء: 76] الذي هو الطوفان.

{ وَ } حين اضطروه وأشرفلوا على الهلاك ناجانا فَزِعاً فجيعا بقوله:فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [القمر: 10] { وَ } لذلك { نَصَرْنَاهُ } وجعلناه منتصراً ناجياً { مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } الدالة على عظمة ذاتنا وكمال أسمائنا وصفاتنا، وذلك أنه دعاهم إلى الإيمان والتوحيد، وهداهم إلى صريح مستقيمن وهم امتنعوا عن القبول { إِنَّهُمْ } من شدة شكيمتهم وغلظ غيظهم مع أهل الحق { كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ } كأنهم مغمورون فيه متخذون منه { فَأَغْرَقْنَاهُمْ } لذلك { أَجْمَعِينَ } [الأنبياء: 77] تطهيراً للأرض من فسادهم، وقلعاً لعرق غيّهم وعنادهم.

{ وَ } اذكر يا أكمل الرسل في كتابك قصة { دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ } وقت { إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ } أي: زرع القوم { إِذْ نَفَشَتْ } ودخلت { فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ } الآخر ليلاً، فأكلته وأهكلته، فتنازعا ورفعا الأمر إليهما، واستحكما منهما فحكم داود بالغنم على صاحب الزرع، بناء على أن صاحب الغنم لا بدَّ له أن يضبط غنمه ليلاً؛ لئلا يخسر { وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ } أي: لحكم داود إياهم؛ أي: لأصحاب الزرع بالغنم { شَاهِدِينَ } [الأنبياء: 78] مطلعين اطلاع شهود وحضور.

وبعدما حكم داود ما حكم، وكان ابنه سليمان حاضراً عنده سامعاً لحكمه { فَفَهَّمْنَاهَا } أي: ألهمنا الحكومة الحقّة والفتوى في هذه القضية { سُلَيْمَانَ } وهو ابن إحدى عشرة سنة، فقال: الأرفق أن يدفع الغنم إلى أصحاب الحرث؛ لينتفعوا من ألبانها وأصوافها، والحرث إلى صاحب الغنم ليقوم بسقيها وحفظها ورعايتها، حتى يعود إلى الذي كان، ثم يترادان ويتدافعان، فقال داود لسليمان: القضاء ما قضيت، فرجع عن حكمه، وحَكَم بحكم ابنه { وَ } إن كان { كُلاًّ } منهما { آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً } أي: رشداً صورياً ومعنوياً بمقتضى قابليتها واستعدادها { وَ } كيف لا { سَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ } تفضلاً منَّا عليه وتكريماً { ٱلْجِبَالَ } إلى حيث { يُسَبِّحْنَ } ويقدسن الله عما لا يليق بجنابه معه حين اشتغل بتسبيح الله وتقديسه ازدياداً لثوابه ورفعاً لدرجته { وَ } كذا { ٱلطَّيْرَ } أي: الطيور معه حين اشتغاله بتكبير الله وتنزيهه { وَكُنَّا } وبأمثاله { فَاعِلِينَ } [الأنبياء: 79] لأنبيائنا وأوليائنا، ومن يتوجه نحونا من عبادنا، فلا تتعجبوا من أمثال هذا، ولا تستبعدوا عن قدرتنا أمثال إبداعها.

{ وَ } أيضاً { عَلَّمْنَاهُ } من مقام جودنا إياه { صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ } أي: الدروع، وما يلبس للدفع حين الحراب والقتل، فكانت الدروع صفائح تخلقها داود، وسردها بإلهام الله إياه وتعليمه، إنما علمناه تخليقها وسردها { لِتُحْصِنَكُمْ } وتحفظكم { مِّن بَأْسِكُمْ } أي: من جراحات السهام والسنان، إذ هو أدفع لآثارهما من الصفائح، وأخف منها { فَهَلْ أَنتُمْ } أيها المنعمون المتنعمون { شَاكِرُونَ } [الأنبياء: 80] لوفور نعمنا إياكم.

السابقالتالي
2