الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ هُمْ كَافِرُونَ } * { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ }

ثم قال سبحانه امتناناً لحبيبه صلى الله عليه وسلم: { وَ } اذكر { إِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } حين اشتغالك بقراءة القرآن أو بتذكير الأصحاب وعظة أولي الألباب، المشمرين نحو الحق أذيال همَّهم، المستفيدين المسترشدين منك قصارى مقاصدهم هي التوحيد الإلهي { إِن يَتَّخِذُونَكَ } أي: ما يتخذونك حين التفاتهم نحوك { إِلاَّ هُزُواً } أي: محل اسهتزاء وسخرية قائلين حين بعضهم لبعض مستحقرين شأنك: { أَهَـٰذَا } الرجل الحقير الفقير الملحق بالأراذل والضعفاء { ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ } بالسوء، وينكر على شفعائكم ويسيء الأدب مع غاية حقارتهم وضعفهم، وهم من غاية عمههم وسكرتهم، ونهاية غيهم وغفلتهم { وَهُمْ بِذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } المنزَّه عن شوب الشك وريب التردد { هُمْ كَافِرُونَ } [الأنبياء: 36] منكرون وجوده وتحققه مع كما ظهوره واستحقاقه بالألوهية والربوبية بالأصالة بخلاف معبوداتهم الباطلة الزائغة؛ إذ هم مقهورون تحت قدرته، مجبورون جنب إرادته واختياره، لا قدرة لهم من أنفسهم أصلاً، فهم بالاستهزاء أحق، وبالاستهانة والسخرية أحرى وأليق.

ثم لما استعجل المنهمكون في بحر الضلال والإنكار، التائهون في تيه العتو والاستكبار نزولَ العذاب وقيام الساعة وجميع الوعيدات الواردة فيها على سبيل الاستهزاء والتهكم، ردَّ الله عليهم إنكارهم واستعجالهم بأبلغ وجه فقال: { خُلِقَ ٱلإنْسَانُ } أي: هذا النوع من الحيوان { مِنْ عَجَلٍ } يعني: من غاية استعجاله ف يالخير والشر كأنه مصنوع منه، قل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنَّا: إلى متى تستعجلون أيها المسرفون المغرورون { سَأُوْرِيكُمْ } عن قريب في هذه النشأة { آيَاتِي } أي: بعضها من نقماتي التي هي من مقدمات عذاب الآخرة، قيل هي وقعة بدر، إذ المستعجلون هم قريش، وسيأتي عذاب الساعة، وعذابها بعدما { فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } [الأنبياء: 37] أيها الضالون المسرفون.

{ وَ } بعدما سمعوا من الرسول وأصحابه ما سمعا { يَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } الموعود، والوقت المعهود، عينوا لنا وقت نزول العذاب وقيام الساعة { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [الأنبياء: 38] في دعواكم.

ثم قال سبحانه تفظيعاً لهم وتهويلاً عليهم: { لَوْ يَعْلَمُ } ويطلع { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } كيفية ما استعجلوا من العذاب وكميته { حِينَ لاَ يَكُفُّونَ } أي: حين نزل عليهم حتماً، ولا يمكنهم حينئذٍ أن يدفعوا { عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ } لأنهم محاطون بها، مغمورون فيها بحيث لا يسع لهم دفعها بأنفسهم { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } [الأنبياء: 39] من الغير.

إذ كل نفس رهينةُ بما كسبت؛ يعني: لو علموا فظاتها وهولها، لما استعجلوا، لكنه لا يعلمون لذلك استعجلوا اغتراراً واستكباراً.

{ بَلْ تَأْتِيهِم } العذاب والساعة حتى تأتيهم { بَغْتَةً } فجأة ودفع { فَتَبْهَتُهُمْ } أي: تحيرهم وتدهشهم وقت ظهورها، فصاروا حينئذ حيارى سكارى مدهوشين { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } ردها إذ لا راد لقضاء الله ولا معقب لحكمه، سيما بعد نزوله { رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } [الأنبياء: 40] ويمهلون حينئذ أن استمهلوا.

{ وَ } لا تبال بهم يا أكمل الرسل، ولا تحزن عن استهزائهم وسخريتهم؛ إذ { لَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ } كثيرٍ مضوا { مِّن قَبْلِكَ } استهزءوا معهم أممهم مثل ما استهزءوا معك قريش { فَحَاقَ } وأحاط بالآخرة { بِٱلَّذِينَ } أي: بالمستهزئين الذين { سَخِرُواْ مِنْهُمْ } أي: من الرسل وبآل { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [الأنبياء: 41] ويستسخرون، وبأضعاف ما لحق لهم المعاندين المكابرين فلا تحزن عليه ولا تك في ضيق مما يستهزئون.