الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } * { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } * { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } * { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } * { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ }

{ ٱقْتَرَبَ } أي: دنا وقرب { لِلنَّاسِ } الناسين عهود ربهم التي عهدوا بها معه سبحانه وقت ظهور فطرتهم الأصلية من حَمْلِ أمانة المعارف، والحقائق وقبول أعباء الإيمان، والتوحيد، ومشاق الأعمال، والتكاليف المقربة لهم إليه { حِسَابُهُمْ } أي: قَرْبَ وقت حسابهم، وانتقاد أفعالهم وأعمالهم الصالحة المقبولة عند ربهم من الفاسدة المردودة دونه { وَهُمْ } مغمورون مستغرقون { فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } [الأنبياء: 1] عن ربهم، وعن حسابه أياهم، بل أكثرهم معرضون عنه بحيث لا يلتفتون نحوه أصلاً، بل ينكرون وجوده فكيف حسابه وعذابه؟.

لذلك { مَا يَأْتِيهِمْ } وينزل عليهم { مِّن ذِكْرٍ } وعظةٍ تنبههم عن سِنَةِ الغفلة، وتوقظهم عن رقدة النسيان صادرُ { مِّن رَّبِّهِمْ } بوحيٍ { مُّحْدَثٍ } مجددٍ وحسب تجددات البواعث والدواعي الموجبة للإنزال على مقتضى الأزمان والأعصار { إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ } أي: الذكر المحدَث { وَهُمْ } حينئذ من غاية عمههم وسكرتهم { يَلْعَبُونَ } [الأنبياء: 2] به ويستهزئون مع من أنزل إليه.

{ لاَهِيَةً } معه ذاهلةً { قُلُوبُهُمْ } عن التأمل فيه، والتفكر في معناه والتدرب في رموزه وإشاراته { وَ } هم وإن أغفلوا نفوسهم وقلوبهم عنه لفط عتوِّهم واستكبارهم، لكن تفطنوا بحقيته من كمال إعجازه ومتانته، لكونهم من أرباب البلاغة والفصاحة والذكاء والفطانة، لكنهم { أَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى } أي: بالغوا في إخفاء ما يتناجوا به في نفوسهم من حقية القرآن وإعجازه؛ إذ هم { ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أنفسهم بارتكاب الكفر، والمعاصي، وأنواع الضلال عناداً ومكابرة، وقصدوا أيضاً إضلال ضعفاء الأنام حيث قالوا لهم على سبيل الإنكار: { هَلْ هَـٰذَآ } أي: ما هذا الشخص الحقير الذي ادَّعى الرسالة والنبوة والوحي والإنزال من جانب السماء { إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } وهو من بني نوعكم لا ميزة له عليكم، والرسول المرسل من جانب السماء لا يكون إلا ملكاً { أَ } تميلون نحوه وتزعمونه صادقاً بواسطة خوارق صدرت عنه على سبيل السحر والشعبذة مدعياً أنه معجز مع أنه ليس كذلك { فَتَأْتُونَ } وتحضرون { ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } [الأنبياء: 3] آلاته وأدواته وتعلمون عياناً أنه سحرُ مفترىً، هل تصدقونه أم لا؟ وهذا تسجيلُ وتنصيصُ منهم على كذب الرسول، وإغراءُ وتضليلُ على ضعفاء الأنام، وحثُ لهم على تكذيبه وإنكاره ما أتى به.

{ قَالَ } يا أكمل الرسل في جوانبهم، والرد عليهم: { رَبِّي } الذي ربَّاني بأنواع الكرامات والمعجزات { يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ } أي: جنس الأقوال والأفعال والأحوال الكائنة { فِي ٱلسَّمَآءِ } أي: عالم الأرواح { وَٱلأَرْضِ } أي: عالم الطبيعة والأشباح { وَ } كيف لا يعلم ويعزب عن علمه شيء؛ إذ { هُوَ ٱلسَّمِيعُ } المقصور على السمع بحيث لا يسمع سواه { ٱلْعَلِيمُ } [الأنبياء: 4] المستقلُّ بالعلم لا عالم إلا هو.

ثم أعرضوا وانصرفوا عن قولهم بسحرية القرآن؛ لاشتمال على البلاغة والمتانة وأنواع الخواص، والمزايا الممدوحة عندهم إلى ما هو الأدنى والأنزل منه، { بَلْ قَالُوۤاْ } ما هو إلا { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } أي: من تخليطات القوة المتخيلة وتمويهاتها التي رآها في المنام، ثم سطَّرها، وسَمَّاه كلاماً نازلاً من السماء موحى إليه من عند الله { بَلِ ٱفْتَرَاهُ } واختلقه واخترعه من تلقاء نفسه، ونَسَبه إلى الوحي ترويجاً له بلا رؤيته في المنام { بَلْ هُوَ شَاعِرٌ } فصيحُ تكلم بكلام كاذبٍ مُخيَّلٍ نظمه على وجهٍ يعدب الأسماع، وبالجملة ما هو نبيُ ولا كلامه الذي أتى به وحيُ نازلُ من الله كما ادعاه مثل كلام سائر الرسل، وإلا { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ } مقترحةٍ أو غيرها تُلجئنا إلى تصديقه والإيمان به { كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } [الأنبياء: 5] أي: مثلما أُرسل بها الأنبياء الماضون: كالعصا، واليد، البيضاء وإبراء الأكمه والأبرص، وإحياء الموتى، وغير ذلك من الآيات الواقعة من الرسل الما ضين.

السابقالتالي
2