الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الجيلاني/ الجيلاني (ت713هـ) لم يتم تصنيفه بعد و لم يتم تدقيقه بعد


{ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } * { قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } * { فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } * { قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } * { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } * { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } * { قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلَّذِي فَطَرَنَا فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ } * { إِنَّآ آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَآ أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ ٱلسِّحْرِ وَٱللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } * { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ٱلصَّالِحَاتِ فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَاتُ ٱلْعُلَىٰ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ }

ثم لما أتى السحرة صافين إلى المجلس على الوجه الذي أمروا { قَالُواْ } من فرط عتوهم واستيلائهم: { يٰمُوسَىٰ } نادوه استحقاراً واستذلالاً { إِمَّآ أَن تُلْقِيَ } أولاً ما تلقيتَ وجئتَ به في مقابلتنا { وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } [طه: 65] ما تلقينا في مقابلتك، فالأمران عندنا سيَّان؛ لأننا عصبة ومعنا جميع هذه الخلائق، وأنت ضعيفُ ليس معك إلا أخوك.

{ قَالَ } موسى: لا تضعفوني أيها الحمقى إن معي ربي سيقويني إن شاء، ويغلبني على جميع من في الأرض { بَلْ أَلْقُواْ } أنتم أولاً أيها المغرورين فألقوا { فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ } التي يسحرون بها { يُخَيَّلُ إِلَيْهِ } أي: إلى موسى { مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ } [طه: 66] بذاتها.

{ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ } [طه: 67] أي: أضمر في نفسه خوفاً من غلبتهم عليه.

ثم لما عَلِمنا من موسى خوفه { قُلْنَا } له تشريحاً لصدره وإزالةً لخوفه: { لاَ تَخَفْ } أيها لامرشد من عندنا من تمثالاتهم الغير المطابقة للمواقع { إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ } [طه: 68] أي: الغالب عليهم بعد إلقائك { وَ } بعدما أطمأن قلبك بوحينا لك هذا { أَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ } يعني: عصاك بالجراءة التامة والقدرة الغالبة بلا جبنٍ وتزلزلٍ { تَلْقَفْ } أي: تبلع وتلتقم { مَا صَنَعُوۤاْ } لمعارضتك { إِنَّمَا } التماثيل التي { صَنَعُواْ } ليس لها اعتباْ بل ما هي إلا { كَيْدُ سَاحِرٍ } وحيلةُ ماكرٍ { وَلاَ يُفْلِحُ } ويَغلِبُ { ٱلسَّاحِرُ } بحيله وسحره { حَيْثُ أَتَىٰ } [طه: 69] أي: في أي مكان أتى به، سواءً كان عند معاونيه أو في مكانٍ آخر.

فألقى موسى عصاه امتثالاً لأمر ربه، فصار ثعباناً فابتلع حبالهم جميعاً مجتمعين { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ } مجتمعين { سُجَّداً } متذللين نادمين من معارضتهم { قَالُوۤاْ } بلسانهم موافقاً لقلوبهم: { آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } [طه: 70] بأن له القدرة والاختيار لا يعارَض فعله أصلاً، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

{ قَالَ } لهم فرعون على سبيل التقريع والتوبيخ بعدما سمع إيمانهم، وتلذللهم عند موسى: { آمَنتُمْ لَهُ } وسلَّمتم سحرَه بلا استئذان مني، بل { قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ } بتسليمه فظهر عندي { إِنَّهُ } أي: موسى { لَكَبِيرُكُمُ } أي: معلمكم ومقتداتكم { ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } في خلوتكم معه، فاتفقتم معه حتى تخرجوني من ملكي، فواعزتي وجلالي وعظم شأني لأنتقمن منكم انتقاماً شديداً { فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ } أولاً { مِّنْ خِلاَفٍ } أي: متبادلين { وَ } بعد ذلك { لأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } حتى يعتبر منكم من كان في قلبه بغضي وعداوتي، وإن ىمنتم خوفاً من شدة عذاب ربه ودوامه { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } [طه: 71] وأدومُ عقاباً، أنا، أم رب موسى؟!.

{ قَالُواْ } بعدما كوشفوا بما كوشفوا: { لَن نُّؤْثِرَكَ } ونرجحك يا فرعون { عَلَىٰ مَا جَآءَنَا } ونكشف علينا من الحق الصريح سيَّما بعد ظهور المرجحات { مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } الواضحات الدالة على إيثاره وترجيحه، مع أنه لا بينة لك سوى ما جئنا به من السحر من قبلك وهو يبطله.

السابقالتالي
2